السّاجي ، أنا عمر بن واصل ـ بالبصرة ـ سنة ثلاثمائة ، قال : سمعت سهل بن عبد الله في سنة مائتين وخمسين بالبصرة يقول : أخبرني محمّد بن سوار خالي ، نا مالك بن دينار ، نا الحسن بن أبي الحسن البصري ، عن أنس بن مالك قال :
لما حضرت وفاة أبي بكر الصّدّيق سمعت علي بن أبي طالب يقول : المتفرّسون في الناس أربعة : امرأتان ورجلان ، فأما المرأة الأولى فصفورا ابنة شعيب لما تفرّست في موسى ، قال الله في قصتها : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)(١) والرجل الأول الملك العزيز على عهد يوسف ، والقوم فيه من الزاهدين ، قال الله تعالى : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)(٢) ، وأما المرأة الثانية فخديجة ابنة خويلد لمّا تفرّست في النبي صلىاللهعليهوسلم وقالت لعمّها : قد سمت روحي روح محمّد بن عبد الله ، إنه نبيّ لهذه الأمة ، فزوّجني منه ، وأمّا الرجل الآخر فأبو بكر الصّدّيق لما حضرته الوفاة قال : إنّي قد تفرّست أن أجعل الأمر من بعدي في عمر بن الخطّاب ، فقلت له : إن تجعلها في غيره لن نرضى به ، فقال : سررتني والله لأسرنّك في نفسك بما سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلت له : وما هو؟ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد إلّا بجواز من علي بن أبي طالب» ، فقال له علي بن أبي طالب : أفلا أسرك في نفسك وفي عمر بما سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : ما هو؟ فقلت : قال لي : «يا علي لا تكتب جوازا لمن يسبّ أبا بكر وعمر ، فإنّهما سيّدا كهول أهل الجنّة بعد النبيين».
قال أنس : فلما أفضت الخلافة إلى عمر قال لي علي : يا أنس إنّي طالعت مجاري العلم (٣) من الله عزوجل في الكون ، فلم يكن أن أرضى بغير ما جرى في سابق علم الله وإرادته ، خوفا من أن يكون مني اعتراض على الله عزوجل ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أنا خاتم الأنبياء ، وأنت يا علي خاتم الأولياء» [٩٨٠٧].
قال الخطيب : هذا حديث موضوع من عمل القصاص ، وضعه عمر بن واصل ، أو وضع عليه ، والله أعلم.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين القطان ، نا إبراهيم بن الحارث ، نا يحيى بن أبي بكير ، نا إسرائيل ، عن
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٢٦.
(٢) سورة يوسف ، الآية : ٢١.
(٣) في تاريخ بغداد : مجاري القلم.