ونقموا عليّ أني كاتبت معاوية ، كتب (١) علي بن أبي طالب وقد جاءنا سهيل بن عمرو ، ونحن مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحديبية حين صالح قومه قريشا ، فكتب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بسم الله الرّحمن الرحيم ، قال سهيل : لا أكتب بسم الله الرّحمن الرحيم ، فقال : كيف تكتب؟ فقال : باسمك اللهمّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اكتب محمّد رسول الله ، فقال : لو نعلم أنك رسول الله ما خالفناك ، فكتب هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله قريشا ، يقول الله في كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(٢) فبعث إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى توسطنا عسكرهم ، فقال عبد الله بن شداد : فقام ابن الكوا فخطب الناس ، فقال : يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ، هو الذي نزل فيه وفي قومه (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)(٣) فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله ، فقام خطباؤهم فقالوا : بلى والله لنواضعنه كتاب الله ، فإن جاء بحق [لنتبعنّه](٤) وإن جاء بباطل لنبكتنّه (٥) بباطل (٦) ، ولنردّنّه إلى صاحبه ، فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام ، قالوا : كيف قلت يا ابن عبّاس؟ قال : قلت : ما الذي تتكلمون على صهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابن عمه؟ قالوا : ثلاث خصال ، قال : فما هنّ؟
قالوا : أما واحدة فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن كان القوم كفارا فقد أحلّ الله دماءهم ونساءهم ، وإن كانوا غير ذلك فقد استحلّ ما صنع بهم.
وأمّا الثانية : فإنه حكّم الرجال في أمر الله وفي دين الله ، فما للرجال والحكم في دين الله بعد قوله : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(٧).
وأما الثالثة : فإنه محا نفسه وهو أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
قال ابن عبّاس : هل عندكم غير هذا؟ قال : حسبنا خصلة من هذه الخصال ، قال : فأنا أنبئكم من كتاب الله ما ينقض قولكم هذا فترجعون؟ قالوا : نعم ، قال : فإنّ الله قد صير مع حكمه حكم الرجال في كتابه ما لا يقبل غيره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
__________________
(١) في ترجمة عبد الله بن شداد : كتبت.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٢١.
(٣) سورة الزخرف ، الآية : ٥٨.
(٤) زيادة للإيضاح عن ترجمة عبد الله بن شداد.
(٥) في المطبوعة : لنسكتنه.
(٦) الأصل : بباطل ، والمثبت عن ترجمة عبد الله بن شداد.
(٧) سورة الأنعام ، الآية : ٥٧.