الثانية : فإنّه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن كان الذي قاتل قد حل قتالهم فقد حل سبيهم ، وإن لم يكن حل سبيهم ما حل قتالهم ، قال (١) : وأمّا الثالثة : فإنه محا اسمه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فإنه أمير المشركين.
قال : (٢) قلت لهم : هل غير هذا؟ قالوا : حسبنا هذا ، قال : قلت : أرأيتم إن خرجت إليكم من هذا من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟ قالوا : وما يمنعنا؟ قال : قلت : ما قولكم إنه حكم الرجال في أمر الله وما للرجال ولحكم الله ، فإنّي سمعت الله يقول في كتابه : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ)(٣) في ثمن صيد أرنب أو نحوه يكون قيمته ربع درهم ، فوض الله الحكم فيه إلى الرجال ، ولو شاء أن يحكم لحكم ، وقال : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما)(٤) أخرجت من هذه؟ قالوا : نعم.
قال : قلت : وأما قولكم : قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإنه قاتل أمّكم ، وقال الله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ)(٥) فإن زعمتم أنها ليس بأمكم فقد كفرتم ، وإن زعمتم أنها أمكم فما حلّ سباؤها ، فأنتم بين ضلالتين ، أخرجت من هذه؟ قالوا : نعم.
قال : وأما قولكم : فإنه محا اسمه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فإنّه أمير المشركين فإني انبئكم بذلك عن من ترضون وأراكم قد منعتموه ، أما تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية وقد جرى الكتاب بينه وبين سهيل بن عمرو فقال : يا علي اكتب هذا ما اصطلح عليه محمّد رسول الله وسهيل بن عمرو قال : فقالوا : لو نعلم بأنك رسول الله ما قاتلناك ولكن اكتب اسمك ، واسم أبيك ، قال : فقال : اللهم إنّك تعلم أنّي رسولك قال : ثم أخذ الصحيفة فنحاها (٦) بيده ثم قال : يا علي اكتب هذا ما اصطلح عليه محمّد بن عبد الله وسهيل بن عمرو ؛ فو الله ما أخرجه الله بذلك من النبوة ، أخرجت من هذه؟ قالوا : نعم.
قال : فرجع ثلثهم ، وانصرف ثلثهم (٧) وقتل سائرهم على ضلالة.
__________________
(١) كذا بالأصل ، والأشبه : قالوا.
(٢) الأصل : فان.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٩٥.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٣٥.
(٥) سورة الأحزاب ، الآية : ٦.
(٦) كذا بالأصل ، ولعله : «فمحاها بيده» ، وهي عبارة المطبوعة.
(٧) كذا بالأصل.