إلّا من فضله ، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولا أكرمه نسبا ، وأصدقه حديثا ، وأفضله حسبا ، فأنزل عليه كتابه وائتمنه على عباده (١) ، فكان خيرة الله من العالمين ، ثم دعا الناس إلى الإيمان بالله ، فآمن به المهاجرون من قومه ، وذوي رحمه أكرم الناس أحسابا وأحسنهم (٢) وجوها وخير الناس فعلا ، ثم كان أول الخلق إجابة ، واستجابة لله حين دعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحن ، فنحن أنصار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا ، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا ، وكان قتله علينا يسيرا ، أقول هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات ، والسلام عليكم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأ الحسن (٣) بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن عيسى ، أنا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر ، قال (٤) : وبعث ابن اللبيبة الأرحبي (٥) إلى بني ذبيان ، وبعث رجلا من بني سعد بن هذيم على صدقاتهم ، فخرج بشر (٦) بن سفيان على صدقات بني كعب ، ويقال : إنّما سعى عليهم نعيم بن عبد الله النحام العدوي ، فجاء وقد حلّ بنواحيهم [بنو جهيم](٧) من بني تميم ، [و](٨) بنو عمرو بن جندب بن العنبر (٩) بن عمرو بن تميم فهم يشربون معهم على غدير لهم بذات الأشطاط (١٠) ويقال : وجدهم على عسفان ثمّ أمر بجمع مواشي خزاعة ليأخذ منها للصدقة ، قال : فحشرت عليه خزاعة الصدقة من كل ناحية ، واستكثرت ذلك بنو تميم وقالوا : ما هذا أتؤخذ أموالكم منكم بباطل؟ وتجيشوا ، وتقلدوا القسّي وشهروا السيوف ، فقال الخزاعيون : نحن قوم ندين بدين الإسلام ، وهذا من ديننا ، فقال التميميون : والله لا يصل إلى بعير منها أبدا.
فلما رآهم المصدّق هرب منهم ، فانطلق موليا وهو يخافهم ، والإسلام يومئذ لم يعم العرب ، قد بقيت بقايا من العرب فهم يخافون [السيف](١١) لما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة
__________________
(١) دلائل النبوة : خلقه.
(٢) الأصل وم : وأحسنه ، والمثبت عن الدلائل.
(٣) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والسند معروف.
(٤) مغازي الواقدي ٣ / ٩٧٣ وما بعدها.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي م ومغازي الواقدي : ابن اللتبية الأزدي.
(٦) كذا بالأصل وم والمختصر ، وفي مغازي الواقدي : بسر.
(٧) ما بين حاصرتين سقط من الأصل وم وزيد عن الواقدي.
(٨) ما بين حاصرتين سقط من الأصل وم وزيد عن الواقدي.
(٩) كذا بالأصل ، وبدون إعجام في م ، وفي مغازي الواقدي : العتير.
(١٠) الأصل : الأشظاظ ، والمثبت عن م والواقدي ، وفي معجم البلدان : وغدير الأشطاط قريب من عسفان.
(١١) زيادة عن م والواقدي.