بالدفاع عن العمود ، فاذا تفاقم الخلاف رفع الأمر الى شيخ الجامع الذي كان الفيصل في كل خلاف ، وكان من عادة شيخ المذهب أثناء القاء الدرس أن يجلس على الأرض بجانب العمود مستقبلا القبلة ، ثم استعاض المشايخ عن ذلك بالجلوس على كراسي من خشب أو جريد بعد أن كانت تلك الكراسي من أخص امتيازات كبار العلماء فيه.
وكان الطلبة يجلسون حول أستاذهم على هيئة حلقة. ولكل طالب في الحلقة مكان لا يتعداه ، وكانت طريقة التعليم اذ ذاك هي الطريقة الاملائية ، يبتدىء الشيخ الدرس بالبسملة والحمد لله والصلاة على النبي ، ثم يأخذ في املاء الدرس على تلاميذه. وأثناء ذلك يقوم الطلبة بسؤال أستاذهم فيما غمض عليهم. فقد كان عماد الدراسة اذ ذاك المناقشة والحوار بين الطلبة وأستاذهم بما يثقف العقل وينمي ملكة الفهم ، فاذا انتهى الدرس قبل الطلبة يد شيخهم.
ولم يكن بالأزهر نظام امتحانات في عهده البدائي ، بل كانت الاجازة التي يعطيها الشيخ لتلميذه ، ولها قيمة عظيمة في تلك الأزمان القديمة ، تدل على أن الطالب قد فهم نصا معينا ، وتجعله أهلا للتدريس ، وكان الطالب يتلقى العلم زمنا طويلا ، فاذا أنس في نفسه القدرة على التصدر للعلم ، أعلن ذلك بين زملائه وشيوخه. فتعقد في إيوان الأزهر حلقة من العلماء النابهين ، يجلس الطالب في صدرها ويناقش نقاشا حادا في المادة التي يدرسها وفي جميع المواد التي تجرها المناسبات ، فاذا أثبت الطالب كفاءة ممتازة أعطى حق التدريس.
وكانت المواد الأساسية التي تدرس إحدى عشرة مادة كلها من العلوم الدينية والعربية ، يزيد عليها علم المنطق لمن يمتحن من طلاب العالمية ، ونورد هنا مثلا لتلك الإجازات التي كانت تمنح لطلاب الأزهر. فقد جاء في سند إجازة الشيخ عبد المنعم الدمنهوري المتوفى عام ١١٩٢ ه ما ملخصه إنه تلقى في الأزهر العلوم الآتية : وله تأليف في كثير منها ، وهي الحساب