جئنا عمّارا (١) ، وادعهم إلى الإسلام» ، وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات ، فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح ويخبرهم أن الله جلّ ثناؤه وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان تثبيتا يثبّتهم.
قال : فانطلق عثمان ، فمر على قريش ببلدح (٢) ، فقالت قريش : أين؟ قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليكم لأدعوكم إلى الله جلّ ثناؤه وإلى الإسلام ، ويخبركم إنّا لم نأت لقتال أحد (٣) ، وإنّا جئنا عمّارا ، فدعاهم عثمان كما أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : قد سمعنا ما يقول (٤) : فأنفذ لحاجتك (٥) ، وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحّب به ، وأسرج فرسه ، فحمل عثمان على الفرس ، فأجاره وردفه أبان حتى جاء مكة ، ثم إنّ قريشا بعثوا بديل بن ورقاء الخزاعي وأخا بني كنانة ، ثم جاء عروة بن مسعود الثقفي ، فذكر الحديث فيما قالوا ، وقيل لهم : ورجع عروة إلى قريش ، وقال : إنّما جاء الرجل وأصحابه عمّارا فخلوا بينه ، فشتموه ، ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزّى ومكرز بن حفص ليصلحوا عليهم ، فكلّموا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودعوه إلى الصلح والموادعة ، فلما لان بعضهم وهم على ذلك لم يستقم لهم ما يدعون إليه من الصلح ، وقد أمن بعضهم بعضا وتزاوروا ، فبينا هم كذلك وطوائف (٦) المسلمين لا يخاف بعضهم بعضا ينتظرون (٧) الصلح والهدنة ، إذ رمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر ، فكانت معاركة ، وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان كلاهما ، وارتهن كل واحد من الفريقين من فيهم ، فارتهن المسلمون سهيل بن عمرو ، ومن أتاهم من المشركين ، وارتهن المشركون عثمان بن عفّان ومن كان أتاهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى البيعة ، ونادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألا إنّ روح القدس قد نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمر بالبيعة ، فاخرجوا على اسم الله فبايعوا ، فثار المسلمون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفرّوا أبدا ، فرغّبهم الله تعالى ، فأرسلوا من كانوا قد ارتهنوا [ودعوا](٨) إلى الموادعة والصلح ، وذكر الحديث في كيفية الصلح والتحلّل من العمرة.
__________________
(١) أي معتمرين.
(٢) بلدح : واد قبل مكة من جهة المغرب (معجم البلدان).
(٣) ليست في دلائل النبوة.
(٤) في دلائل النبوة : تقول.
(٥) بالأصل : ما نفذ لحاجته ، والمثبت عن م ودلائل البيهقي.
(٦) الأصل : وطائف ، والمثبت عن الدلائل.
(٧) من قوله : بعضا وتزاوروا إلى هنا سقط من م.
(٨) الزيادة عن م ودلائل النبوة.