فقتل (١) رحمهالله ، فقتل قاتله ، وقتل ناصره ، وأغلق الباب على ثلاثة قتلى ، وفي الدار أحد المصريين ، وقتل قاتله ، فقالت (٢) نائلة لعبد الرّحمن بن عديس : إنك أمسّ القوم بي رحما ، وأولاهم بأن تقوم بأمري ، أغرب عني هؤلاء الأموات ، فشتمها وزجرها حتى إذا كان في جوف الليل خرج مروان حتى يأتي دار عثمان ، فأتاه زيد بن ثابت ، وطلحة بن عبيد الله ، وعلي ، والحسن ، وكعب بن مالك ، وعامة من ثمّ من الصحابة (٣) ، وتوافى إلى موضع الجنائز صبيان ونساء ، فأخرجوا عثمان ، فصلّى عليه مروان ، ثم خرجوا به حتى انتهوا به إلى البقيع ، فدفنوه [فيه](٤) مما يلي حشّان (٥) كوكب ، حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان فأخرجوهم ، فرأوهم ، فمنعوهم من أن يدفنوهم ، فأدخلوهم حشّان كوكب ، فإذا انفشّوا خرجوا بهما ، فدفنوهما إلى جنب عثمان ، ومع كلّ واحد منهما خمسة نفر ، وامرأة ، فاطمة أم إبراهيم بن عربي (٦).
ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر ، فقالوا : إنّك أمسّ القوم بنا رحما ، فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا ، فكلّمهم في ذلك فأبوا ، فقال : أنا جار لآل عثمان من أهل مصر ، ومن لفّهم فاخرجوهما فارموا بهما ، فجرّ بأرجلهما فرمي بهما في البلاط ، فأكلتهما الكلاب ، وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما نجيح وصبيح ، فكان اسماهما (٧) الغالب على أسماء الرّقيق لفضلهما وبلائهما ، ولم يحفظ الناس اسم الثالث.
وقتل عثمان يوم الجمعة ، ودفن ليلة السبت في جوف الليل ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة ، وكان شهيدا ، فلم يغسّل ، كفّن في ثيابه ودمائه ، ولا غلاميه ، وترك القوم الآخرون بالبلاط حتى أكلتهم الكلاب.
قال : ونا سيف ، عن سهل بن يوسف ، عن عبد الرّحمن بن كعب ، قال :
دفن عثمان ليلة السبت ، لم يغسّل ولم يمتنع أحد أن يصلّي عليه من شيء ، وصلّى عليه مروان ، فخرجوا حتى دفنوه مما يلي حشّان كوكب من البقيع ، ومنع القوم من غلاميه من الغد ، فلما ذهبوا دفنوهما إلى جنب عثمان ، فقد كانا أدخلا حين منعا (٨) حشّان كوكب ، وكان القوم
__________________
(١) الأصل : قتل ، والمثبت عن م ، وقوله : «فقتل رحمهالله» استدرك على هامش «ز».
(٢) من هنا راجع الخبر في تاريخ الطبري ٤ / ٤١٤.
(٣) تاريخ الطبري : أصحابه.
(٤) زيادة عن م و «ز».
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : حش كوكب.
(٦) في الطبري : عدي.
(٧) الأصل : اسمهما ، والمثبت عن م و «ز».
(٨) كررت بالأصل.