وقد كان المغيرة بن الأخنس بن شريق فيمن حج ، ثم تعجل في نفر حجوا معه ، فأدرك عثمان قبل أن يقتل ، وشهد المناوشة ودخل الدار فيمن دخل ، وجلس على الباب من داخل ، وقال : ما عذرنا عند الله إن نحن تركناك ، ونحن نستطيع ألّا ندعهم حتى نموت! واتخذ عثمان بن عفان القرآن تلك الأيام نجيا ، يصلي وعنده المصحف ، فإذا أعيا جلس فقرأ فيه ، وكانوا يعدون القراءة في المصحف من العبادة ، وكان القوم الذين كفكفهم بينه وبين الناس فلما بقي المصريون لا يمنعهم أحد من الباب ، ولا يقدرون على الدخول جاءوا بنار فأحرقوا الباب والسقيفة ، فتأجج الباب والسقيفة ، حتى إذا احترق الخشب خرت السقيفة على النار ، وثار أهل الدار ، وعثمان يصلي ، حتى منعوهم من الدخول ، وكان أول من برز لهم المغيرة بن الأخنس وهو يرتجز (١) :
قد علمت جارية عطبول (٢) |
|
ذات وشاح ولها جديل |
أني بنصل السيف خنشليل (٣) |
|
لأمنعن منكم خليلي |
بصارم ليس بذي فلول |
وخرج الحسن بن علي عليهماالسلام وهو يقول :
لا دينهم ديني ولا أنا منهم |
|
حتى يصير إلى الطمرّ شمام (٤) |
وخرج محمد بن طلحة وهو يقول :
أنا ابن من حامى عليه بأحد |
|
وردّ أحزابا على رغم معدّ |
وخرج سعيد بن العاص وهو يقول (٥) :
__________________
(١) الشطور الثلاثة الأولى في تاريخ الطبري ٤ / ٣٨٢.
(٢) العطبول : الجميلة الفتية ، والممتلئة الطويلة العنق.
(٣) الخنشليل : المسن القوي ، الجيد الضرب بالسيف.
(٤) في تاريخ الطبري : حتى أسير إلى طمار شمام.
(٥) البيتان في تاريخ الطبري ٤ / ٣٨٨ والكامل لابن الأثير ـ بتحقيقنا ٢ / ٢٩٢.