مصر المغيرة بن الأخنس بالسيف فصرع ، فقال رجل من أهل المدينة : تعس المغيرة بن الأخنس ، فقال قاتله : بل تعس قاتل المغيرة بن الأخنس ، وألقى سلاحه وأدبر هاربا يلتمس التوبة ، فأمسينا ، فقلنا : إن تركتم صاحبكم حتى يصبح مثّلوا به ، فانطلقنا إلى بقيع الفرقد ، فأمكنا له في جوف الليل ، ثم حملناه فغشينا سواد من خلفنا ، فهبناهم حتى كنا نصرف عنه فنادى مناديهم أن لا روع عليكم اثبتوا ، فإنما جئنا لنشهده معكم ، وكان أبو خنيش (١) يقول : هم والله ملائكة الله ، قال : فدفناه ثم هربنا من ليلتنا إلى الشام ، فلقينا أهل الشام بوادي القرى عليهم حبيب بن مسلمة ، وأخبرني أن قاتل المغيرة بن الأخنس أدرك وهو هارب يطلب التوبة فقتل ، وكان يخبر أنه رأى في المنام جهنم تسعر ، لها زفير وشهيق ، فاقشعرّ جلده لذلك ، ففرق فرقا شديدا ، ثم نظر إلى تنور فيها أشدها لهبا ، فقال : ما هذا التنور؟ فقالوا (٢) : لقاتل المغيرة بن الأخنس.
وقد ذكرت هذا الحديث من رواية عبد الرّحمن بن سليمان بن أبي الجون ، عن محمّد بن يزيد الرحبي في ترجمة سهم أبي حنيش (٣) فلا حاجة (٤) إلى إعادته.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، أنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله ، نا السّري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، أنا سيف بن عمر ، عن محمّد ، وطلحة ، وأبي حارثة ، قالوا (٥) :
صلى عثمان بالناس بعد ما نزلوا به في المسجد ثلاثين يوما ، ثم إنّهم منعوه الصلاة ، فصلى بالناس أميرهم الغافقي ، دان له المصريون ، والكوفيون ، والبصريون ، وتفرّق أهل المدينة إلى حيطانهم ، ولزموا بيوتهم ، لا يخرج أحد ، ولا يجلس إلّا وعليه سيفه ، يمتنع به من رهق (٦) القوم ، فكان الحصار أربعين يوما ، وفيهن كان القتل ، ومن تعرّض لهم وضعوا فيه السلاح ، وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوما يكفون عن الناس ، ويحتملون لهم الكلام ، ولمّا رأى زيد وزياد ، وعمرو بن الأصم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم مع عثمان ، وأنّهم لا يجيبونهم ، رجعوا من
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي م : أبو حبيش ، وفي «ز» : أبو حسش.
وقد مرّ قريبا : «حنيس».
(٢) في «ز» : فقال ، عليها خط ، وعلى الهامش فيها : فقالوا وفوقها صح.
(٣) كذا بالأصل ، وفي م : ابن حبيش ، وفي «ز» : أبي حبيش.
(٤) في «ز» : «إعاجة» تحريف.
(٥) انظر تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٣.
(٦) رهق القوم : الرهق : الطغيان والفساد.