جاءنا كتاب من عثمان ، فقرئ على الناس ، يوصيهم بتقوى الله ، ويحذّرهم الفتنة ، ويأمرهم بالجماعة ، ثم ذكر فيه : أما بعد ، فإن جيش ذي المروة نزلوا ، وكان مما صالحتهم عليه أن يؤدّوا (١) إلى كل ذي حقّ حقّه ، فمن كانت له عندي طلبة (٢) : ضربة من سوط فما سواه فليأت ، فمن أبطأ أو تأنى فليتصدق ، فإن الله يجزي المتصدقين ، قال : فقال أهل المسجد : اللهم قد تصدّقنا.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، أنا عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن أبي جعفر القارئ (٤) ، مولى [ابن](٥) عياش المخزومي ، قال :
كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة ، رأسهم عبد الرّحمن بن عديس البلوي ، وكنانة بن بشر بن عتاب الكندي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، والذين قدموا من الكوفة مائتين ، رأسهم مالك الأشتر النخعي ، والذين قدموا من البصرة مائة رجل ، رأسهم حكيم بن جبلة العبدي (٦) ، وكانوا يدا واحدة في الشّرّ ، وكان حثالة من الناس قد ضووا إليهم ، قد مرجت (٧) عهودهم وأماناتهم ، مفتونون ، وكان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم الذين خذلوه كرهوا الفتنة ، وظنوا أنّ الأمر لا يبلغ قتله ، فندموا على ما صنعوا في أمره ، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم فحثا في وجوههم التراب لانصرفوا خاسئين (٨).
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل بن الكريدي ، أنا أبو الحسن العتيقي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا أحمد بن علي بن العلاء ، نا أبو الأشعث أحمد بن
__________________
(١) كذا بالأصول كلها ، ولعل الصواب : «يؤدي» أو «نؤدي».
(٢) الطلبة : ما كان لك عند آخر من حق تطالبه به.
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٧١.
(٤) هو يزيد بن القعقاع ، وقيل فيروز بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، ترجمته في تهذيب الكمال ٢١ / ١٤٥.
(٥) سقطت من الأصول ، واستدركت للإيضاح عن تهذيب الكمال. وابن سعد.
(٦) الأصل : العبدة ، والتصويب عن «ز» ، وم ، وابن سعد.
(٧) كذا بالأصول ، وفي ابن سعد : «مزجت» يقال : مرج العهد والأمانة والدين : فسد ، ومرج العهود واضطرابها قلة الوفاء بها (تاج العروس بتحقيقنا ـ مرج).
(٨) في ابن سعد : خاسرين.