قال عمرو بن العاص لعثمان وهو على المنبر : يا عثمان إنّك قد ركبت بهذه الأمة نهابير (١) من الأمر ، فتب وليتوبوا معك ، قال : فجعل وجهه إلى القبلة ، فرفع يديه ، فقال : اللهم إنّي أستغفرك وأتوب إليك ، ورفع الناس أيديهم.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الحافظ ، وأبو بكر محمّد بن أبي نصر بن أبي بكر اللّفتواني ، قالا : أنا أبو محمّد رزق الله بن عبد الوهّاب بن عبد العزيز التميمي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الصفار ، نا سعدان بن نصر ، نا شبابة بن سوّار ، عن عاصم بن محمّد العمري ، عن أبيه ، عن ابن عمر.
أنه دخل على عثمان وهو محصور فكان يستشيره فقال : ما تقول في هؤلاء القوم؟ فقال : أرى أن تعطيهم ما سألوك من وراء عتبة بابك ، غير أن لا تخلع لهم سربالك الذي سربلك الله به من الخلافة ، قال : فقال : دونك عطاءك ، وكان واجدا عليه ، قال : ليس هذا يوم ذاك ، ثم خرج ابن عمر عليهم فقال : إياكم وقتل هذا الشيخ ، والله لئن قتلتموه لم تحجوا البيت جميعا أبدا ، ولم تجاهدوا عدوّكم جميعا أبدا ، ولم تقسموا فيئكم جميعا أبدا ، إلّا أن تجتمع الأجساد والأهواء مختلفة ، والله لقد رأيتنا وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم متوافرون نقول : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة ، قال (٢) : وحدّثني كهمس بن المنهال ، نا سعيد بن أبي عروبة ، عن يعلى بن حكيم ، عن نافع ـ أو غير نافع (٣) ـ قال :
دخل ابن عمر على عثمان وعنده المغيرة بن الأخنس ، فقال : انظر ما يقول هؤلاء ، قال : يقولون : اخلعها ولا تقتل نفسك ، فقال ابن عمر : إذا خلعتها أمخلّد (٤) أنت في الدنيا؟ قال : لا ، قال : فإن لم تخلعها هل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال : لا ، قال : فهل يملكون لك جنة (٥) ونارا؟ قال : لا ، [قال](٦) فلا أرى لك أن تخلعها ، ولا أرى لك أن تخلع قميصا
__________________
(١) النهابير : بالأصل : الرمال ، ويعني بها المهالك ، وعنى بها أمورا شدادا صعبة : شبهها بنهابير الرمل لأن المشي يصعب على من ركبها (اللسان).
(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٧٠.
(٣) قوله : «أو غير نافع» ليس في تاريخ خليفة.
(٤) الأصل : اتخلد ، والمثبت عن م و «ز» ، وتاريخ خليفة.
(٥) في تاريخ خليفة : جنة أو نارا.
(٦) زيادة للإيضاح عن م ، و «ز» ، وتاريخ خليفة.