وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب علي ، وقد أرسل بنيه (١) إلى عثمان ، فسلّم البصريون عليه ، وعرضوا به فصاح به واطّردهم وقال : لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة ، وذي خشب ، والأعوص ملعونون على لسان محمّد صلىاللهعليهوسلم.
وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى ، وقد سرّح عبد الله إلى عثمان ، فسلّموا عليه ، وعرضوا له ، فصاح بهم واطّردهم (٢) وقال : لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فخرج القوم وأروهم (٣) أنهم يرجعون ، فانفشّوا على ذي خشب والأعوص حتى أتوا إلى عساكرهم ، وهي ثلاث مراحل ، حتى يفترق أهل المدينة ، ثم يكرون ، فافترق أهل المدينة لخروجهم.
فلما بلغ القوم عساكرهم [كروا بهم ، فبغتوهم ، فلم يفجأ أهل المدينة إلّا والتكبير في نواحي المدينة ، فنزلوا في مواضع عساكرهم](٤) وأحاطوا بعثمان ، وقالوا : من كف يده فهو آمن.
وصلّى عثمان بالناس أياما ، ولزم الناس بيوتهم ، ولم يمنعوا أحدا من كلام ، فأتاهم الناس فكلّموهم ، وفيهم علي ، فقال علي : ما ردّكم بعد ذهابكم ، ورجوعكم إلى رأيكم؟ قالوا : وجدنا مع بريد كتابا بقتلنا ، وأتاهم طلحة ، فقال البصريون مثل ذلك ، وأتاهم الزبير ، فقال الكوفيون مثل ذلك ، وقال الكوفيون والبصريون : فنحن ننصر (٥) إخواننا ونمنعهم ، فقالوا جميعا كأنما كانوا على ميعاد ، كيف علمتم يا أهل الكوفة ، ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر ، وقد سرتم مراحل ، ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة ، قالوا : فضعوه على ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا ، وفي ذلك يصلي بهم ، وهم يصلون خلفه ، ويغشا من شاء عثمان ، وهم أدق في عينه من التراب ، وكانوا لا يمنعون أحدا الكلام ، وكانوا زمرا بالمدينة يمنعون الناس من الاجتماع.
وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدّهم :
أما بعد ، فإنّ الله بعث محمّدا بالحقّ بشيرا ونذيرا ، وبلّغ عن الله ما أمر به ، ثم مضى وقد
__________________
(١) الطبري : ابنيه.
(٢) الطبري : وطردهم.
(٣) استدركت على هامش «ز».
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل و «ز» ، وم ، واستدرك عن الطبري.
(٥) الأصل : نصر ، والتصويب عن «ز» ، وم.