كنت جالسا عند عبد الله بن عمر ، فأتاه رجل ، فقال : يا أبا عبد الرّحمن أشهد عثمان بيعة الرّضوان؟ قال : لا ، قال : أفشهد يوم بدر؟ قال : لا ، قال : أكان يوم التقى الجمعان؟ قال : نعم ، قال : فخرج الرجل ، فقيل لابن عمر : إنّ هذا يرجع إلى أصحابه فيخبر أنك وقعت في عثمان ، قال : أو فعلت؟ قال : كذلك يقول : ردّوا عليّ الرجل ، فردّوه ، فقال : أحفظت ما قلت لك؟ قال : نعم ، سألتك عن كذا فقلت كذا ، وسألتك عن كذا ، فقلت كذا ، قال ابن عمر : أمّا بيعة الرّضوان فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بعثه إلى أهل مكة يستأذنهم أن يدخل مكة ، فأبوا فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنّ عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله» وبايع له ، فصفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإحدى يديه على الأخرى ، وأمّا يوم بدر ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام فقال : «إنّ عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله» فضرب له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسهم ، ولم يضرب لأحد غاب عنه غيره ، ثم تلا عليه (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)(١) إلى آخر الآية ، قال : اذهب الآن فاجهد كل جهدك [٧٩٨٠].
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وأبو المعالي بن الشّعيري ، قالا : أنا أحمد بن عبد الواحد بن محمّد ، أنا جدي محمّد بن أحمد ، نا محمّد بن جعفر بن سهل ، نا أحمد بن سهل العسكريّ ، نا أحمد بن محمّد بن رشدين ، نا يوسف بن عدي ، نا عبيد الله بن عمرو الرّقّي ، عن الأعمش ، عن أبي صالح طهمان مولى العباس بن عبد المطلب ، قال :
أرسلني العباس إلى عثمان أدعوه ، فأتيته في دار القضاء ، فقلت : إنّ العباس يدعوك ، فقال : نعم ، أفرغ من شأني ثم آتيه ، قال : فأتاه ، فلمّا دخل عليه قال : أفلح الوجه أبا الفضل ، قال : ووجهك ، قال : إنّ رسولك أتاني وأنا في دار القضاء ، ففرغت من شأني ثم أتيتك فحاجتك؟ قال : لا والله ، إلّا أنه بلغني أنك أردت أن تقوم بعليّ وأصحابه فتشكوهم إلى الناس ، وعليّ ابن عمك وأخوك في دينك ، وصاحبك مع نبيّك صلىاللهعليهوسلم ، قال : أجل فو الله لو أنّ عليا شاء أن يكون أدنى الناس ، لكان ، ثم أرسلني إلى عليّ ، فأتيته ، فقال : إن أبا الفضل يدعوك ، فلمّا جاءه قال : إنّه بلغني أن عثمان أراد أن يقوم بك وأصحابك ، وعثمان ابن عمك وأخوك في دينك وصاحبك مع نبيّك صلىاللهعليهوسلم ، فقال علي : والله لو أنّ عثمان أمرني أن أخرج من داري لفعلت.
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٥.