شيئا سمعته من المختار ، أقبلت من مكة وإنّي لأسير إذ غمزني غامز من خلفي ، فالتفتّ فإذا المختار ، فقال لي : يا شيخ ما بقي في قلبك من حبّ ذلك الرجل ـ يعني عليا ـ قلت : إنّي أشهد الله إنّي أحبه بسمعي وقلبي وبصري ولساني ، قال : ولكني أشهد الله أني أبغضه بقلبي وسمعي وبصري ولساني ، قال : قلت : أبيت والله إلّا تثبيطا عن آل محمّد وتربيثا لحرّاق (١) المصاحف ـ أو قال : خراق وهو (٢) أحدهما يشك أبو داود ـ فقال سويد : والله لا أحدثكم إلّا شيئا سمعته من علي بن أبي طالب ، سمعته يقول : يا أيها الناس لا تغلو في عثمان ، ولا تقولوا له إلّا خيرا ـ أو قولوا له خيرا ـ في المصاحف ، وإحراق المصاحف ، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلّا عن ملأ منا جميعا ، فقال : ما تقولون في هذه القراءة ، فقد بلغني أن بعضهم يقول : إنّ قراءتي خير من قراءتك ، وهذا يكاد أن يكون كفرا ، قلنا : فما ترى؟ قال : نرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا يكون فرقة ولا يكون اختلاف ، قلنا : فنعم ما رأيت ، قال : فقيل : أيّ الناس أفصح؟ وأيّ الناس أقرأ؟ قالوا : أفصح (٣) الناس سعيد بن العاص ، وأقرأهم زيد بن ثابت ، فقال : ليكتب أحدهما ويملي الآخر ، ففعلا ، وجمع الناس على مصحف.
قال : قال علي : والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل.
قال : ونا عبد الله بن سليمان (٤) ، نا إسحاق بن إبراهيم النّهشلي ، نا أبو داود ، نا شعبة (٥) ، عن من سمع سويد بن غفلة يقول : سمعت عليا يقول : رحم الله عثمان لو وليته لفعلت ما فعل في المصاحف.
وقال محمّد بن أبان (٦) : أخبرني علقمة بن مرثد قال : سمعت العيزار بن جرول (٧) الحضرمي يقول : لما خرج المختار فذكر نحوه ولم يذكر قراءته ، وقال : فليكتب سعيد ويملي زيد ، قال : فكتب مصاحف وبعث بها في الأمصار وساقه.
__________________
(١) في كتاب المصاحف : وترثيثا في إحراق المصاحف ، أو قال : حراق.
(٢) عن م وكتاب المصاحف وبالأصل : هذا.
(٣) عن م وكتاب المصاحف وبالأصل : أسعد.
(٤) الخبر في كتاب المصاحف ص ٣٠.
(٥) بعدها في كتاب المصاحف : ومحمد بن أبان الجعفي كلاهما عن علقمة بن مرثد قال شعبة.
(٦) كتاب المصاحف ص ٣٠.
(٧) كذا بالأصل وم ، وفي كتاب المصاحف : حريث.