سيرة قوم يريدون الله لئلا تكون لهم على الله حجة.
وكتب : إنّ الله ألّف بين قلوب المسلمين على طاعته ، وقال سبحانه (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)(١) وهو مفرقها على معصيته ولا تعجلوا على أحد بحدّ قبل استيجابه ، فإن الله تعالى قال (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ...)(٢) [من كفر](٣) داويناه بدوائه ومن تولى على الجماعة أنصفناه وأعطيناه حتى يقطع حجته وعذره إن شاء الله.
قال : ونا سيف ، عن محمّد وطلحة قالا : قام عثمان بالمدينة فقال : إن الناس يبلغني عنهم هنات وهنات ، وأنّي والله لا أكون أول من فتح بابها ، ولا أدار رحاها ، ألا وإنّي زامّ نفسي بزمام ، وملجمها بلجام ، فأقودها بزمامها وأكبعها (٤) بلجامها ، ومناولكم طرف الحبل ، فمن اتّبعني حملته على الأمر الذي يعرف ، ومن لم يتبعني ففي الله خلف منه ، وعزاء عنه ألا وإنّ لكل نفس يوم القيامة سائقا وشاهدا ، سائق يسوقها على أمر الله ، وشاهد يشهد عليها بعملها ، فمن كان يريد الله بشيء فليبشر ومن كان إنّما يريد الدنيا فقد خسر.
قال : ونا سيف ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن يحيى بن رافع ، قال :
سمعت عثمان يقرأ هذه الآية (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ)(٥) على المنبر ، سائق يسوقها إلى أمر الله ، وشهيد يشهد عليها بما عملت.
أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (٦) ، أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو عمرو عثمان بن محمّد ، نا عبد الله بن سليمان (٧) ، نا يونس بن حبيب ، نا أبو داود ، نا شعبة بن الحجّاج ، عن علقمة بن مرثد الحضرمي ، قال أبو داود : نا محمّد بن أبان الجعفي ، سمعه من علقمة بن مرثد ، وحديث محمّد أتم عن عقبة بن جرول الحضرمي قال :
لما خرج المختار كنا هذا الحي من حضر موت أول من يسرع إليه ، فأتانا سويد بن غفلة الجعفي ، فقال : إنّ لكم عليّ حقا ، وإنّ لكم جوارا ، وإن لكم قرابة ، والله لا أحدثكم اليوم إلّا
__________________
(١) سورة الأنفال ، الآية : ٦٣.
(٢) سورة الغاشية ، الآيتان : ٢٢ ، ٢٣.
(٣) الزيادة عن م.
(٤) كذا بالأصل وم ، كبعه عن الشيء يكبعه كبعا : منعه.
(٥) سورة ق ، الآية : ٢١.
(٦) الأصل : المزرقي بالقاف ، تصحيف ، والتصويب عن م.
(٧) الخبر في كتاب المصاحف ص ٢٩.