أهل الكوفة ، فإن قرّاء قراءة عبد الله نزوا (١) في ذلك حتى كادوا يتفضّلون على أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعابوا الناس ، فقام فيهم ابن مسعود ، فقال : ولا كلّ هذا ، إنّكم والله قد سبقتم سبقا بينا ، فاربعوا على ظلعكم (٢).
ولما قدم المصحف الذي بعثه عثمان على سعيد ، واجتمع عليه الناس ، وفرح به أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، بعث سعيد إلى ابن مسعود يأمره أن يدفع إليه مصحفه ، فقال : هذا مصحفي تستطيع أن تأخذ ما في قلبي؟ فقال له سعيد : يا عبد الله ، والله ما أنا عليك بمسيطر ، إن شئت تابعت أهل دار الهجرة وجماعة المسلمين ، وإن شئت فارقتهم ، وأنت أعلم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا عثمان بن محمّد بن القاسم ، نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث (٣) ، نا عمّي ، نا ابن رجاء (٤) أنا إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، قال :
قام عثمان فخطب الناس ، فقال : أيها الناس عهدكم بنبيكم صلىاللهعليهوسلم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن وتقولون : قراءة أبيّ وقراءة عبد الله [يقول الرجل : والله](٥) ما تقيم قراءتك ، فأعزم على كلّ رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به ، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن حتى جمع من ذلك كثرة ، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلا رجلا فناشدهم : لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو أمله عليك؟ فيقول نعم ، فلما فرغ من ذلك عثمان قال :من أكتب الناس؟ قالوا : كاتب رسول الله صلىاللهعليهوسلم زيد بن ثابت ، قال : فأيّ الناس أعرب؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال عثمان : فليملّ سعيد وليكتب زيد ، فكتب زيد فكتب مصاحف ففرّقها في الناس ، فسمعت بعض أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم يقول : قد أحسن.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد الثقفي ، نا موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله ، نا أحمد بن يحيى الحلواني ، نا بشر بن موسى الخفّاف ، أنا عبد الرّحمن بن مهدي ، حدّثني شعبة ، حدّثني علقمة بن مرثد ، عن سويد بن غفلة ، قال :
__________________
(١) نزوا من التنزي وهو التسرع والتوثب (اللسان : نزو).
(٢) أي ارفقوا على أنفسكم فيما تحاولونه.
(٣) كتاب المصاحف ط بيروت ص ٣١.
(٤) في كتاب المصاحف : أبو رجاء.
(٥) ما بين معكوفتين زيادة عن م وكتاب المصاحف.