عثمان ، وأيم الله ليوشكنّ أن يطعنوا فيه طعنة يخلفونه (١) كله.
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا أبو زرعة ، نا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أنس بن مالك.
أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفّان ـ وكان يغزو مع أهل العراق قبل أرمينية في غزوهم ، ذلك فيمن اجتمع من أهل العراق ، وأهل الشام ، فتنازعوا في القرآن ، حتى سمع حذيفة من اختلافهم فيه ما يكره ، فركب حذيفة حتى قدم على عثمان ـ فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمّة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في الكتب ، ففزع لذلك عثمان بن عفّان ، فأرسل إلى حفصة بنت عمر أن أرسلي إليّ بالصّحف التي جمع فيها القرآن ، فأرسلت إليه بها حفصة ، فأمر عثمان زيد بن ثابت ، وسعيد بن العاص ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرّحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف ، وقال لهم : إذا اختلفتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش ، فإنّ القرآن إنّما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى كتبت المصاحف ، ثم ردّ عثمان الصّحف إلى حفصة وأرسل إلى كلّ جند من أجناد المسلمين بمصحف ، وأمرهم أن يحرقوا كلّ مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به ، فذلك زمان حرّقت فيه المصاحف بالنار.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، أنا سيف بن عمر (٢) ، عن محمّد وطلحة ، قالا :
وصرف حذيفة عن غزو الري إلى غزو الباب مددا لعبد الرّحمن بن ربيعة ، وخرج معه سعيد بن العاص ، فبلغ معه أذربيجان ، وكذلك كانوا يصنعون يجعلون للناس ردءا ، فأقام حتى قفل حذيفة ، ثم رجعا ، قال له حذيفة : إنّي قد سمعت في سفرتي هذه أمرا لئن ترك الناس ليضلّنّ القرآن ثم لا يقومون عليه أبدا ، قال : وما ذاك؟ قال : رأيت أمداد أهل الشام حين قدموا علينا ، فرأيت أناسا من أهل حمص يزعمون لأناس من أهل الكوفة أنهم أصوب قراءة منهم ، وأنّ المقداد أخذها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويقول الكوفيون مثل ذلك ، ورأيت من أهل دمشق قوما
__________________
(١) كذا بالأصل وم وكتاب المصاحف ، وفي المختصر ١٦ / ١٧٠ تحلقونه.
(٢) راجع تاريخ الطبري ٤ / ٢٨١ والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٤٩.