وعلى ظهرها خطوط سوداء وذيلها كذيل العجل وقوائمها طويلة وحوافرها من شطرين ، وعنقها كالمئذنة تبلغ به الشجر العالى ، فتأكل من الأغصان كما أنها ترعى أنواع شتى من الأعشاب فى الأرض ، إنها حيوان جميل ولحمها ألذ طعما من لحم العجل ، والبربر يصيدونها بالحيلة وللحم الخراف فى هذه الديار رائحة كرائحة المسك لأن الماء عذب فرات ولذلك تنمو به الزروع المختلفة التى ترعاها ولا يشبهها علف فى بلاد أخرى ، كما أن طيب الهواء سبب فى جمال النساء فى تلك الديار ، ولهن عيون الغزال وسمر الوجوه كأن ثغورهن البراعم ، إنهم حقا من نسل نوح ، ولكن الناس لا يلبسون ثيابا ، وإنهم يكتفون بإزار عليهم ويتلففون به ويفرقون شعورهم ، ولشدة القيظ كأنهم فى جهنم ، وأجسامهم نحيلة ، ولكنهم يتصفون بالجرأة والشجاعة ، ويتصفون بالبخل والطمع والجشع وهم يتجولون وهم جياع ، ويطعمون ما يجدون ، إنهم حفاة لا يسترون رءوسهم وحاكمهم هو رفيقنا محمد بن حسين ، وهو تابع لملك الفونج ، وكان معنا فى محاربتنا لعبدة النار ، ولكن بلادهم يسود فيها الأمن والأمان ، وإذا ظهر فيها قطاع للطريق بادروا إلى قتلهم ، ولا وجود للنقود فى هذه الديار ، كما لا وجود لسوق ولا خان ولا حمام ولا مبرّة ولا سبيل ولا مدرسة ، ولكن يوجد بها حانات للبوزه ، ومقهى ، ولا وجود لحدائق والقردة كثيرة ، ولا وجود للفاكهة ، ويكثر الشمام والبطيخ فى البساتين ولا وجود فيها للمآذن ، وفى أيام الجمعة يحتشد الرعاع ، وتقام سوق فى ميدان وسيع ويشترى كل ما يريد من سلعة ويشاهد النخيل فى جهات متفرقة وبين هذه البلاد وبلاد النوبة مسافة طويلة ، وفى غرب هذه البلاد مدينة :
مدينة زغاوه
تقع هذه المدينة فى الإقليم الأول ، وقد كانت مدينة عظيمة فى قديم الزمان ، وكنت فى دنقل أتحدث مع الملك طيلة ثلاثة أيام وأخذت من الغنائم التى غنمها حسين خان حاكم حفير وهى ما أقدّمه هدية إلى ملك الفونجة ، والتى أحضرتها إليه ، ومن أمواله قدمت ألف جمل وسبعين فيلا وألف عجل وستة آلاف خروف وخمسمائة أسير من