يمكن عبوره على الأقدام ، إن جو هذه البلدة جميل صيفها وشتاءها معتدلان ، وإذا ما نام الإنسان ليلا وجد العمر الطويل لأن ريح النسيم لا تأتى إلى هذه البلدة حتى أرض حاسانكه ومدينة بلبيس والعريش ومنها لا يهب نسيم الصبا ولكن تهب ريح تياب وملسى. ولكن لا يؤثر فى هذه القلعة ريح النسيم ، وللنباتات والرياحين ريح طيبة تفوح وترد على متنسمها روحه ، كان فيها الفتيات والفتيان متميزين بروعة الجمال ، وإذا ما وقعت عليهما عين إنسان سرت الرّجفة فى جسده ، ولطيب هواء هذه البلدة لا يصدأ فيها الحديد وساحرات صحاريها لهن شهرة تطبق الآفاق ، وكم من غريب رومى سحرنه ، والساحرات فى إبريم أقل منهن فى بلدة أزرق جادو اللهم عافنا إنهن فى هذه المدينة يسحرن الرجال حميرا وكلابا ويطيرن الجرار والأوانى فى الهواء وحاكم قلعة صاى تحت حكم فونجستان وليس فيها غلمان من الروم إلا ما يجلبه النخاسون ، وودعنا المستحفظون الباقون فى القلعة ولما عقدنا العزم على الرحيل قدم إلينا الشباب والشيوخ وقالوا لنا إذا ذهبتم إلى فونجستان فإن جيادكم سوف تهلك من الحر والجوع ولا تأمنون عادية اللصوص من الزنوج ، وبسطوا إلينا الرجاء ألا نمضى فقلت إن الخوف لا يدخلنى مطلقا ، لأن الله ـ تعالى ـ قال : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) [التوبة : ١١٢]. وقد حفظت منذ أربعين عاما وقد ختمت القرآن الكريم فى كل يوم جمعة منذ فجر شبابى ، وبذلك كنت أختمه فى كل عام ثمانية وأربعون مرة ، وأنا مقتنع بذلك كل الاقتناع وأنا لا أنثنى عن عزمى ، وقالوا لى وإذا ما ذهبت إلى إبراهيم باشا وأنت لا تحمل هدية فأنا لا أرد جوابا ، وماذا أصنع بالهدايا التى لملك فونجستان وفى الموضع الذى يصب فيه النيل عند دمياط ورشيد صليت ركعتى الحاجة ، ودعوت الله أن ييسر لى زيارة منابع النيل ومقابر الأولياء هناك فأحمد الله تقبل دعائى ، لقد جئت إلى بلدة صاى وعودتى إلى مصر غير محتملة ، اللهم هبنى رفيقا لأرحل ، وألححت فى الدعاء فقالوا لى لا تنسانا من دعواتك وكلفت أن أقدم إلى حاكم الفونج رسائل المودة فقالوا لى على الملأ : إذا دخلت القلعة فإن جنودها من الروم سوف يقتلونك ، ونحن لن نعطيك رسالة ولا رفاقا البتة ، وقرروا أن ذهابى لغير إياب ، فدخلنى من ذلك خوف شديد ، وتصورت ما سوف