نظيفة ، لأن النيل يجرى فى وسط هذه البلدة ومعظم قصورها وبيوتها الجميلة على ضفة الخليج ، وأعيان الإقليم يلقى بعضهم على بعض السلام من قصورهم ويصيدون السمك من الكوات ، ويسبح الفتيان فى النيل ، وكل بيوت هذه البلدة مبنية بالحجر ، ولها جدران وأبوابها ذات مصراعين ، وسطوحها مجصصة وليس فى المدينة أحجار بناء وإذا مست الحاجة إليها فى هذه البلدة حملتها إليهم من مصر السفن عند وقت فيضان النيل ، لأن النيل فى فيضانه يغمر أقاليم مصر كلها وتصبح أراضى مصر فى ماء الفيضان جزرا ، وثمة فرقة موسيقية تعزف فى دكان على الجسر ، ونوافذ هذه الدكاكين تطل على النيل ، ففى مصر ثلثمائة جسر بالقرب من سوق الغلال ، وثمة دكاكين أخرى تطل نوافذها على الترعة وفى هذه المحلة مرفأ تأتى إليه السفن والقوارب بالغلال وثمة جسر فى جنوب البلدة على ترعة الصابونية يسمى جسر جعفر أغا إنه جسر عظيم من الحجر ، وفى وسط صراطه كتب على لوحة مربعة من الرخام :
تأمل ترى ما شاده ألندن جعفر |
|
هو القاسمى مات إلى الخير يقصد |
لقنطرة فيها يقول مؤرخ |
|
ثناء له فخر وعز يؤيد |
سنة ١٠٧٣.
ولاعتدال جو هذه البلدة اشتهرت نساؤها بروعة جمالهن. كما أن الجند يلبسون فيها ثيابا فاخرة. ويضع نساءها على رءوسهن قلانص من ذهب وفضة. كما يلبسن الحرير ويسرن. وتشتهر هذه المدينة بالخبز الأبيض والطحينة والجبن أما صنعهم للسجاجيد الحريرية لا نظير لها فى العالم. إلا ما يصنع فى أصفهان كما يصنع المناشف وأنواع من الأقمشة الحريرية وفى هذه البلدة محلة لليهود ومحلتان للأقباط وبها ألف بيت وسبع كنائس. وفى سجل شيخ البلد أن تعداد أهل هذه البلدة سبعة آلاف وهى تصدر القطن وهو من أهم حاصلاتها. إن ذكر ما لا قيمة له مملول. ولذلك اكتفينا بما ذكرنا. فخير الكلام ما قل ودل.