الإسلام ، ولا تستولوا عليه ، ولا تمنعوا منه ولا تتعرّضوا لمسلم قصده وحاوره إلى أن ينصرف عنه ، وعليكم حفظ المسجد الذي ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم ، ولا تمنعوا منه مصليا ، وعليكم كنسه وإسراجه وتكرمته ، وعليكم في كل سنة ثلثمائة وستون رأسا ، تدفعونها إلى إمام المسلمين من أوسط رقيق بلادكم غير المعيب ، يكون فيها ذكران وإناث ، ليس فيها شيخ هرم ، ولا عجوز ، ولا طفل لم يبلغ الحلم ، تدفعون ذلك إلى والي أسوان ، وليس على مسلم دفع عدوّ عرض لكم ولا منعه عنكم ، من حدّ أرض علوة إلى أرض أسوان ، فإن أنتم آويتم عبد المسلم أو قتلتم مسلما أو معاهدا ، أو تعرّضتم للمسجد الذي ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم بهدم أو منعتم شيئا من الثلاثمائة رأس والستين رأسا ، فقد برئت منكم هذه الهدنة والأمان وعدنا نحن وأنتم على سواء حتى يحكم الله بيننا ، وهو خير الحاكمين علينا بذلك عهد الله وميثاقه وذمّته وذمّة رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولنا عليكم بذلك أعظم ما تدينون به من ذمّة المسيح ، وذمّة الحواريين ، وذمّة من تعظمونه من أهل دينكم ، وملتكم الله الشاهد بيننا وبينكم على ذلك. كتبه عمرو بن شرحبيل في رمضان سنة إحدى وثلاثين.
وكانت النوبة دفعت إلى عمرو بن العاص ما صولحوا عليه من البقط قبل نكثهم ، وأهدوا إلى عمرو أربعين رأسا من الرقيق ، فلم يقبلها ، وردّ الهدية إلى كبير البقط ويقال له : سمقوس ، فاشترى له بذلك جهازا وخمرا ، ووجهه إليه ، وبعث إليهم عبد الله بن سعد ، ما وعدهم به من الحبوب ، قمحا وشعيرا وعدسا وثيابا وخيلا ، ثم تطاول الرسم على ذلك ، فصار رسما يأخذونه عند دفع البقط في كل سنة ، وصارت الأربعون رأسا التي أهديت إلى عمرو يأخذها والي مصر.
وعن أبي خليفة حميد بن هشام البحتريّ ، أن الذي صولح عليه النوبة ، ثلثمائة وستون رأسا لفيء المسلمين ، ولصاحب مصر أربعون رأسا ويدفع إليهم ألف أردب قمحا ، ولرسله ثلثمائة أردب ، ومن الشعير كذلك ، ومن الخمر ألف اقتيز للمتملك ، ولرسله ثلثمائة اقتيز ، وفرسين من نتاج خيل الإمارة ، ومن أصناف الثياب مائة ثوب ، ومن القباطيّ أربعة أثواب للمتملك ولرسله ثلاثة ، ومن البقطرية ، ثمانية أثواب ، ومن المعلمة خمسة أثواب وجبة مجملة للملك ، ومن قمص أبي بقطر عشرة أثواب ، ومن أحاص عشرة أثواب ، وهي ثياب غلاظ.
قال أبو خليفة : ليس في كتاب عبد الله بن وهب ولا في كتاب الواقديّ تسمية ينتهي إليها ، وإنما أخذت التسمية من أبي زكريا ، قال أبو زكريا : سمعت والدي عمرو بن صالح يقول هذا الخبر ، فحفظت منه ، ما وقفت عليه ، وقال : حضرت مجلس الأمير ، عبد الله بن طاهر ، وهو على مصر ، فقال : أنت عثمان بن صالح ، الذي وجهنا إليك في كتاب بقط النوبة ، قلت : نعم ، فأقبل عليّ محفوظ بن سليمان ، فقال : ما أعجب أمر هذه البلدة وجهنا