ذكر الجنادل (١) ولمع من أخبار أرض النّوبة
الجندل : ما يقلّ الرجل من الحجارة ، وقيل : هو الحجر كله ، الواحدة ، جندلة ، والجندل: الجنادل.
قال سيبويه : وقالوا جندل يعنون : الجنادل ، وصرفوه لنقصان البناء عما لا ينصرف ، وأرض جندلة ، ذات جندل وقيل : الجندل ، المكان الغليظ فيه حجارة ، ومكان جندل ، كثير الجندل.
قال عبد الله بن أحمد بن سليم الأسوانيّ في كتاب أخبار النوبة : والمقرة وعلوة والبجة والنيل ، وأوّل بلد النوبة ، قرية تعرف بالقصر من أسوان إليها خمسة أميال ، وآخر حصن للمسلمين ، جزيرة تعرف ببلاق ، بينها وبين قرية النوبة ميل ، وهو ساحل بلد النوبة ، ومن أسوان إلى هذا الموضع ، جنادل كثيرة الحجر لا تسلكها المراكب إلا بالحيلة ، ودلالة من يخبر بذلك من الصيادين الذين يصيدون هناك ، لأنّ هذه الجنادل متقطعة وشعاب معترضة في النيل ، ولانصبابه فيها خرير عظيم ودويّ يسمع من بعد ، وبهذه القرية مسلحة ، وباب إلى بلد النوبة ، ومنها إلى الجنادل الأولى من بلد النوبة ، عشر مراحل ، وهي الناحية التي يتصرّف فيها المسلمون ، ولهم فيما قرب أملاك ويتجرون في أعلاها ، وفيها جماعة من المسلمين قاطنون ، لا يفصح أحدهم بالعربية ، وشجرها كثير ، وهي ناحية ضيقة شظفة كثيرة الجبال ، وما تخرج عن النيل ، وقراها متسطرة على شاطئه وشجرها النخل والمقل ، وأعلاها أوسع من أدناها ، وفي أعلاها الكروم ، والنيل لا يروي مزارعها لارتفاع أرضها ، وزرعها ، الفدّان والفدّانان والثلاثة على أعناق البقر بالدواليب ، والقمح عندهم قليل والشعير أكثر والسلت ، ويعتقبون الأرض لضيقها ، فيزرعونها في الصيف بعد تطريتها بالزبل والتراب. الدخن والذرة والجاورس والسمسم واللوبيا.
وهذه الناحية نجراش مدينة المريس ، وقلعة ابريم ، وقلعة أخرى دونها ، وبها مينا تعرف بأدواء ينسب إليها ، لقمان الحكيم ، وذو النون ، وبها بربا عجيب ، ولهذه الناحية وال من قبل عظيم النوبة يعرف بصاحب الجبل من أجلّ ولاتهم لقربه من أرض الإسلام ، ومن يخرج إلى بلد النوبة من المسلمين فمعاملته معه في تجارة أو هدية إليه ، أو إلى مولاه يقبل الجميع ، ويكافىء عليه بالرقيق ، ولا يطلق لأحد الصعود إلى مولاه لمسلم ولا لغيره.
__________________
(١) الجنادل : موضع كثير الحجارة فوق أسوان في أقصى صعيد مصر قرب بلاد النوبة. معجم البلدان ج ٢ / ١٦٦.