أنه كان جالسا معه على قباء ، فأتاه رجل من أهل العراق ، فسأله عن إرسال العمامة خلفه ، فقال ابن عمر : سأنبئك عنه بعلم إن شاء الله : كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عاشر عشرة رهط في مسجده فيهم : أبو بكر الصدّيق ، وعمر بن الخطاب ، وعليّ ، وعثمان ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وابن حنبل (١) ، وابن مسعود ، وأبو مسعود (٢) ، وأبو سعيد الخدري ، وابن عمر ، فجاءه رجل من الأنصار ، فصلّى على النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : يا رسول الله أي المؤمنين أفضل؟ قال : «أحسنهم خلقا» قال : وأيّ المؤمنين أكيس؟ قال : «أكثرهم للموت ذكرا ، وأحسنهم له استعدادا ، أولئك هم الأكياس» ، ثم أمسك الفتى.
وأقبل علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «يا معشر المهاجرين ، خصال خمس ـ وأعوذ بالله أن تدركوهن ـ : لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السماء ، ولو لا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلّا سلّط الله عليهم عدوّهم من غيرهم ، فأخذوا بعض ما كان في أيديهم ، ولم تحكم أئمتهم (٣) بكتاب الله عزوجل ويتحروا فيما أنزل الله عزوجل إلّا جعل الله بأسهم بينهم».
ثم أمر النبي صلىاللهعليهوسلم ابن عوف أن يتجهز لسرية يبعثها ، فأصبح وقد اعتمّ بعمامة من كرابيس (٤) سود ، فأدناه إليه ثم نقضها فعمّمه بيده ، وأرسل العمامة خلفه أربع أصابع أو نحو ذلك ، فقال : «هكذا يا بن عوف فاعتمّ فإنه أعرف وأحسن».
ثم أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بلالا يدفع إليه اللواء ، فحمد الله عزوجل وصلّى على النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «خذ يا ابن عوف ، اغزوا في سبيل الله جميعا ، قاتلوا من كفر بالله ولا تغلّوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثّلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، فهذا عهد الله إليكم ، وسيرة (٥) نبيّه صلىاللهعليهوسلم فيكم» [٧١٦٦].
(٦) أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو
__________________
(١) الأصل : «حنبل» وغير مقروءة في م ، والصواب ما أثبت وهو معاذ بن جبل ، مرّ التعريف به.
(٢) هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة ، أبو مسعود البدري البصري ، ترجمته في تهذيب التهذيب ٦ / ٢٤٧.
(٣) في م : أحدهم.
(٤) كرابيس جمع كرباس وهو القطن (اللسان : كربس).
(٥) في المختصر ١٤ / ٣٥٠ وسنة نبيكم.
(٦) قبله في م أوله :
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق. وسيرد بالأصل بعد عدة أخبار.