بعث إلي عبد الله بن علي فأعظمني ذلك واشتدّ علي ، قال : فقدمت عليه ، فدخلت عليه ، والناس سماطين (١) قيام في أيديهم الكافر كوبات (٢) ، قال : فأدناني ثم سألني قال : يا عبد الرّحمن ما تقول في مخرجنا هذا وما نحن فيه ، فقلت : أصلح الله الأمير ، قد كان بيني وبين داود بن علي مودة ، قال : لتخبرني ، قال : فتفكّرت ثم قلت : والله لأصدقنّه ، فاستسلت (٣) للموت فقلت له : حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن علقمة بن وقاص سمع عمر بن الخطاب يقول : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الأعمال بالنية وإنّما لامرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» [٧١٤٠] ، قال : وبيده قضيب ينكت (٤) به الأرض ، ثم قال : يا عبد الرّحمن ما تقول في قتل أهل هذا البيت؟ قال : فورد عليّ أمر عظيم واستبسلت للموت ، فقلت : والله لأصدقنّه فقلت : أصلح الله الأمير ، قد كان بيني وبين داود مودة ، قال : فقال : هيه لتحدّثني ، فقلت : حدثني محمّد بن مروان ، عن مطرّف بن الشّخّير ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يحلّ قتل المسلم إلّا في ثلاث : التارك لدينه ، أو رجل قتل نفسا فيقتل بها ، أو رجل زنى بعد إحصان» [٧١٤١] ، قال : ثم أطرق هونا ، ثم قال : أخبرني عن الخلافة وصية لنا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فورد علي أمر عظيم واستسبلت للموت ، فقلت : لأصدقنّه ، فقلت : أصلح الله الأمير كان بيني وبين داود مودة ثم قلت : لو كانت وصية من النبي صلىاللهعليهوسلم ما ترك علي بن أبي طالب أحدا يتقدمه ، قال : ثم سكت سكتة ، فقال : ما تقول في أموال بني أمية أحلال هي لنا؟ قال : فاستبسلت إلى الموت ثم قلت : والله لأصدقنّه ، فقلت : أصلح الله الأمير ، قد كان بيني وبين داود مودة ، قال : لتخبرني ، قلت : إن كان لهم حلال فهي عليك حرام ، وإن كانت عليهم حرام فهي عليك أحرم ، ثم أمر بي ، فأخرجت.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد (٥) ، عن أبي
__________________
(١) سماطان أي صفان ، ويقال هم على سماط واحد أي على نظم واحد.
(٢) الكافر كوبات جمع الكافر كوب وهي المقرعة.
(٣) كذا رسمها بالأصل وفي م : «واستسبلت» وفي سير أعلام النبلاء : «استبسلت للموت» وفي تاريخ الإسلام والمختصر : «واستسلمت» ونرى الأخيرة أقرب للمعنى.
(٤) الأصل وم : ينكث ، والصواب عن سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام.
(٥) في م : عن أبي تمام عن أبي محمد.