صلّى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان يعرض (١) براحلته في كل طريق مرّ بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقال له في ذلك فيقول : إني أتحرّى أن تقع (٢) أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان قد شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجة الوداع ، فوقف معه بالموقف بعرفة ، فكان يقف في ذلك الموقف كلّما حجّ ، وكان كثير الحجّ ، لا يفوته الحجّ في كل عام ، حج عام قتل ابن الزبير مع الحجاج ، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجّاج بن يوسف يأمره أن لا يخالف ابن عمر في الحجّ ، فأتى ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة ومعه ابنه سالم بن عبد الله ، فصاح به عند سرادقه : الرواح ، فخرج عليه الحجاج في معصفرة ، فقال : هذه الساعة؟ قال : نعم ، قال : فأمهلني أصبّ عليّ ماء ، فدخل ثم خرج قال سالم : فسار بيني وبين أبي ، فقلت له : إن كنت تحبّ أن تصيب السنّة فعجّل الصلاة وأوجز الخطبة ، فنظر إلى عبد الله ليسمع ذلك منه ، فقال عبد الله : صدق ، ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه ، فكان ذلك الموقف بين يدي الحجّاج ، فأمر من نخس به حتى نفرت به ناقته فسكنها ابن عمر (٣) ثم ردها إلى ذلك الموقف ، فوقف فيه فأمر الحجاج أيضا بناقته فنخست ، فنفرت بابن (٤) عمر ، فسكّنها ابن عمر حتى سكنت ، ثم ردّها إلى ذلك الموقف ، فثقل على الحجاج أمره ، قام رجلا معه حربة ـ يقال : إنها كانت مسمومة. فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل ، فأمرّ الحربة على قدميه ، وهي في غرز رحله ، فمرض منها أياما ثم مات بمكة ، فدفن بها وصلّى عليه الحجّاج.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا أحمد محمد بن يحيى بن سعيد ، نا محمّد بن بشر (٥) قال : سمعت خالد بن سعيد يذكره عن أبيه قال : ما رأيت أحدا كان أشد اتّقاء لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ابن عمر.
__________________
(١) في ل : يعترض.
(٢) عن ل ونسب قريش ص ٣٥١ وبالأصل : يقع.
(٣) زيد في المطبوعة : حتى سكنت.
(٤) بالأصل : «قام الحجاج أيضا ينافيه فيحسب فيعرف نا ابن عمر» صوبنا العبارة عن ل ونسب قريش ص ٣٥١.
(٥) عن ل وبالأصل : بشير.