المال واستعمل (١) على البصرة عبد الله بن عامر الحضرمي ، ثم شخص إلى مكة ، فوافى بها طلحة والزبير وعائشة ، وهم يريدون الشام ، فقال : لا بل ائتوا البصرة ، فإن لي بها صنائع ، وهي أرض الأموال ، وبها عدد الرجال ، والله لو شئت ما خرجت [منها](٢) حتى أضرب بعض الناس ببعض ، فقال طلحة : هلا فعلت (٣) ، أشفقت على مناكب تميم ، ثم أجمع رأيهم على المسير إلى البصرة ، ثم أقبل بهم فلما كان من أمر الجمل ما كان وهزم الناس ، جاء عبد الله بن عامر إلى الزبير ، فأخذ بيده فقال : أبا عبد الله أنشدك الله في أمة محمّد ، فلا أمة محمد بعد اليوم أبدا ، فقال الزبير : خلّ بين الغارين يضطربان ، فإن مع الخوف الشديد المطامع ، فلحق ابن عامر بالشام حتى نزل دمشق ، وقد قتل ابنه عبد الرّحمن يوم الجمل ـ وبه كان يكنى ـ فقال حارثة (٤) بن بدر أبو العنبس الغداني في خروج ابن عامر إلى دمشق :
أتاني من الأنباء أنّ ابن عامر |
|
أناخ وألقى في دمشق المراسيا |
يطيف بحمّامي دمشق وقصره |
|
فعيشك إن لم (٥) يأتك القوم راضيا |
رأى (٦) يوم إنقاء العراض (٧) وقيعة |
|
وكان إليها قبل ذلك داعيا |
كأن السّريجيات (٨) فوق رءوسهم |
|
بوارق غيث راح أو طفّ دانيا |
فند نديدا لم ير الناس مثله |
|
وكان عراقيا فأصبح شاميا |
ولمّا خرج ابن عامر عن البصرة بعث عليّ إليها عثمان بن حنيف الأنصاري ، فلم يزل بها حتى قدم طلحة والزبير وعائشة ، ولم يزل عبد الله بن عامر مع معاوية بالشام ، ولم يسمع له بذكر في صفين ، ولكن معاوية لمّا بايعه الحسن بن علي ولّى بسر (٩) بن أبي
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي ابن سعد : واستخلف.
(٢) الزيادة عن ابن سعد.
(٣) عن ابن سعد ، وبالأصل وم : ففعلت.
(٤) بالأصل وم : «جارية بن بدر أبو العباس الغداني» والمثبت عن ابن سعد.
(٥) سقطت من الأصل وأضيفت عن م وابن سعد للوزن ، وفي ابن سعد : بعيشك.
(٦) بالأصل وم : «وإني» والمثبت عن ابن سعد.
(٧) كذا بالأصل وم والمطبوعة ، وفي ابن سعد : إنقاء الفراض.
(٨) في ابن سعد : «الشريجيات» والسريجيات نسبة إلى سريج كزبير قين معروف ، وهو الذي تنسب إليه السيوف السريجية. (تاج العروس ـ بتحقيقنا ـ مادة : سرج).
(٩) بالأصل وم : بشر ، خطأ والصواب ما أثبت عن ابن سعد ، وقد مرّ ترجمته في كتابنا.