إنّي تفرّست فيك الخير أعرفه |
|
فراسة خالفتهم في الّذي نظروا |
ولو سألت أو استنصرت بعضهم |
|
في جلّ أمرك ما آووا ولا نصروا |
فثبّت الله ما آتاك من حسن |
|
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا |
قال : فأقبل بوجهه متبسما ، وقال : «وإيّاك فثبت الله» [٥٨٧٩].
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، نا هوذة بن خليفة ، نا عوف ، عن محمّد قال : هجا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ثلاثة من كفار قريش : أبو سفيان بن الحارث ، وعمرو بن العاص ، وابن الزبعري ، قال : فقال قائل لعلي : اهج عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا ، قال : فقال علي : إن أذن لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعلت ، فقال (١) الرجل : يا رسول الله أتأذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا؟ فقال : «ليس هناك أو ليس عنده ذلك» ، ثم قال للأنصار : «ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم»؟ ، فقال حسان بن ثابت : أنا لها يا رسول الله ، وأخذ بطرف لسانه فقال : والله ما يسرني به مقولا (٢) بين بصرى وصنعاء ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وكيف تهجوهم وأنا منهم؟» قال : إنّي أسلّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين ، قال : فكان يهجوهم ثلاثة من الأنصار يجيبونهم : حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة ، قال : فكان حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر ويعيرانهم بالمثالب.
قال : وكان ابن رواحة يعيّرهم بالكفر ، وينسبهم إلى الكفر ، ويعلم أنه ليس فيهم شرّ من الكفر ، قال : وكانوا في ذلك الزمان أشدّ القول عليهم قول حسان ، وكعب بن مالك ، وأهون القول قول عبد الله بن رواحة ، قال : فلما أسلموا وفقهوا الإسلام كان أشدّ القول عليهم قول عبد الله بن رواحة (٣).
قرئ على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، وأنا أسمع ، عن أبي تمّام علي بن محمّد الأزدي (٤) ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل ، نا محمّد بن الحسين الزعفراني ، نا أبو
__________________
(١) من قوله : فقال قائل لعلي إلى هنا سقط من م.
(٢) كذا بالأصل وم.
(٣) ورد مختصرا في سير الأعلام من طريق ابن سيرين ١ / ٢٣٥.
(٤) كذا بالأصل وم.