الوليد بن عتبة عن المدينة وولاها عمرو بن سعيد بن العاص ، وأرسل إليه إن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئا حتى يؤتى به في جامعة ، فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى ، فبعث يزيد بن معاوية الحصين بن نمير ، وعبد الله بن عضاه الأشعري بجامعة إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلّا أن يؤتى به فيها ، فمرّا بالمدينة ، فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان يكلمه في ذلك ويهوّن عليه الأمر ، فقدموا عليه مكة ، فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته ، وقال له عبد العزيز بن مروان : إنّ أبي أرسلني إليك عناية بأمرك ، وحفظا لحرمتك ، فابرر يمين أمير المؤمنين ، فإنما يجعل عليك جامعة فضة أو ذهب ، وتلبس عليها برنسا ، فلا تبدو إلّا أن يسمع صوتها ، فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيرا ، ويقول : قد عرفت عنايتك ورأيك ، فأمّا هذا فإني لا أفعله أبدا فليكفّر يزيد عن يمينه أو يدع ، وقال ابن الزبير : اللهمّ إنّي عائذ ببيتك ، وقد عرضت عليهم السماع والطاعة ، فأبوا إلّا أن يخلوا بي ويستحلوا مني ما حرّمت فمن يومئذ سمي العائذ.
وأقام بمكة لا يعرض لأحد ، ولا يعرض له أحد ، فكتب يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد أن يوجّه إليه جندا ، فسأل عمرو : من أعدى الناس لعبد الله (١) بن الزبير؟ فقيل : أخوه عمرو بن الزبير ، فذكر قصّة توجيهه إلى ابن الزبير وظفر ابن الزبير به ، وسيأتي ذلك في ترجمة عمرو بن الزبير.
قالوا : ونحّى عبد الله بن الزبير الحارث بن خالد (٢) عن الصلاة بمكة ، وكان عاملا ليزيد بن معاوية عليها ، وأمر مصعب بن عبد الرّحمن أن يصلي بالناس ، فكان يصلي بهم ، وكان لا يقطع أمرا دون المسور بن مخرمة ، ومصعب بن عبد الرّحمن بن عوف ، وجبير بن شيبة ، وعبد الله بن صفوان بن أمية ، فشاورهم في أمره كله ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبدّ بشيء منه دونهم ويصلّي بهم الصلوات والجمع ، ويحج بهم.
وعزل يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد عن المدينة ، وولّاها الوليد بن عتبة ، ثم عزله وولى عثمان بن محمّد بن أبي سفيان ، فوثب عليه أهل المدينة ، فأخرجوه ، وكانت
__________________
(١) في م : إلى عبد الله.
(٢) كذا بالأصل وم والمطبوعة ، وفي سير الأعلام وتاريخ الإسلام : ابن يزيد.