الناس ، وما عندنا خلاف ، فأقاما على ذلك ما أقاما ، فمرة يكاشرهما ، ومرة يباديهما (١) ، فكان هذا من أمره حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة ، فأبيا.
قال : أخبرنا محمّد بن عمر ، حدّثني هشام بن عمارة ، عن سعيد بن محمّد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال :
كان ابن عبّاس ، وابن الحنفيّة بالمدينة ، وعبد الملك يومئذ بالشام يغزو مصعب بن الزبير فرحلا حتى نزلا مكة ، فأرسل ابن الزبير إليهما [أن يبايعا](٢) قالا : لا حتى يجتمع الناس على رجل ، وأنت في فتنة ، فغضب من ذلك فوقع بينه وبينهما شر ، فلم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفا شديدا ، ومعهما الذرية ، فبعثا رسولا إلى العراق يخبر بما هما فيه ، فخرج إليهما أربعة آلاف ، فيهم ثلاثة رؤساء : عطية بن سعد ، وابن هانئ ، وأبو عبد الله الجدلي ، فخرجوا من الكوفة ، فبعث والي الكوفة في أثرهم خمس مائة ليردّوهم ، فأدركوهم بواقصة (٣) ، فامتنعوا منهم ، فانصرفوا راجعين فمرّوا قد أخفوا السّلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحد ، وانهم ليمرون على مسالح ابن الزبير ما (٤) يعرض لهم أحد ، فدخلوا المسجد ، فسمع لهم ابن الزبير حين دخلوا فدخل منزله ، وكان قد ضيّق على ابن عباس وابن الحنفيّة ، وأحضر الحطب يجعله على أبوابهما يحرقهما أو يبايعان ، فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيون ، فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف ، وخرجوا معهم ، وهم أربعة آلاف ، وكانوا هناك حتى توفي عبد الله بن عبّاس ، فحضروا موته بالطائف ، ثم لزموا ابن الحنفية ، فكانوا معه في الشّعب ، وامتنعوا من ابن الزبير.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن أبي بكر ، نا عمي مصعب ، قال : وكان يقال لعبد الله بن الزبير عائذ بيت الله ، قالت أم هاشم زجلة
__________________
(١) عن م وبالأصل : يناديهما.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.
(٣) منزل بطريق مكة ، يقال له واقصة الحزون (ياقوت).
(٤) في م : لا.