وقد سررت هذه الليلة سرورا كبيرا عند ما شاهدني البدو الذين كانوا يتحلقون من حول النار ، وقد لففت جسدي بعباءة واضطجعت فوق دكة انتصبت في الهواء الطلق في الحديقة بدلا من النوم قرب النار كما هو شأنهم.
في وقت مبكر من صباح هذا اليوم زرت ينبوع الماء الذي كان هدف رحلتي. كان الماء يندفع بقوة كبيرة من فتحة أسفل تل من حجر الحديد. كانت عروق حجر الكوارتز بادية على الصخرة باتجاه قطري. وكانت قطع كثيرة قد اقتلعت منها. وكان في وسعي ملاحظة وجود قليل من النحاس داخل الطبقات الصخرية ، إلا أنه لم تكن هناك أي علامات تدل على وجود نشاط بركاني. وعلى مقربة من المكان الذي كان يتدفق منه الماء أنشئ خزان مربع صغير الحجم لينعم بالراحة أولئك الذين يأتون لغرض الاستحمام. وكان ثمة محرار يشير إلى أن درجة الحرارة هي مائة وعشر درجات فهر نهايت ، أقل بدرجتين من الحرارة قرب الصخرة. وبعد محاولات كثيرة ، وجدت أن من الصعب عليّ أن أقرر إن كان لهذا الماء أي طعم أو رائحة خاصين. فكرت أول الأمر أنه مشرّب بأملاح الحديد إلى حد ما ، لكنني اعتقدت في لحظة أخرى أنه ليس أكثر من محلول مالح. إلا أنني في كلتي الحالتين لم أتمكن من إعطاء رأي جازم بذلك. وربما كان هذا هو السبب الذي جعلني أعتقد أنه يختلف اختلافا قليلا عن الماء الذي يمكن الحصول عليه من مناطق أخرى من البلاد. ويقول السكان هنا : إن هذا الماء ممتاز ولا يشربون غيره بعد أن يتركوه قليلا في أوان راشحة. ويبدو واضحا أن حرارة الماء أو أي صفة أخرى قد يتصف بها يمكن أن تحول دون سقي النباتات المجاورة به. أما في علاج الأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض المحلية ، فإن لهذه المياه سمعة طيبة جدا وسط البدو وعرب المدن ، حيث يقوم البدو برحلات طويلة شاقة قادمين من مسافات بعيدة في عمق البلاد إلى هذا المكان الذي قد يمكثون فيه بضعة أيام ليتمكنوا من الاستفادة من مائه. وعلى الرغم من أن درجة الحرارة كانت عالية ، إلا أنني لاحظت العديد من المرضى وقد غطسوا في الماء لبعض الوقت. وشاهدت رجلا مسنا في الثمانين من عمره وقد بلغ به الإعياء أشده بسبب هذا العلاج القاسي حتى بدا أنه يحتضر. لكن قيل لي أنه لو بقي على قيد الحياة ، فإن العلاج سيتكرر بعد ساعتين اثنتين لأن السكان