اليهود في فينا وروسيا وغليسيا ورومانيا وتواصوا بالمحافظة على الشعور اليهودي وتعزيز الآداب العبرية وكان شعارهم إلى الأمام. ووجهوا اهتمامهم لاستعمار فلسطين وتألفت بعد ذلك جمعيات عديدة من طلبة المكاتب وانتقوا أسماء وطنية تشير إلى نهضاتهم السابقة وفتح لها فروع في فلسطين.
الجمعيات الرياضية ـ دعيت رياضية ولكن غايتها في الحقيقة عسكرية لا سيما وأن أسماءها ترمي إلى هذا الغرض ، وقد امتدت بسرعة إلى الإستانة وبرلين وصوفيا وبخارى وهمبورغ. وانتشرت فروعها في فلسطين بأسماء مختلفة وظهرت بالتمرين على حمل السلاح والحركات العسكرية وتنظيم الجند.
الصحافة ـ للصحافة اليهودية أثر كبير في نشر الدعوة الصهيونية ، فلهم صحف عديدة في روسيا والنمسا والمانيا وانكلترا وإيطاليا وغيرها من الممالك ، وهي تكتب المقالات الطويلة انتصارا لقضيتهم ودفاعا عن صهيونيتهم وقد كان لهم بضع صحف في فلسطين لا قيمة لها.
انتشار الصهيونية ـ راجت الفكرة الصهيونية عند كثير من اليهود فانضم إليها أشخاص ما عرفوا شيئا عن الغاية الصهيونية ، وتبرع فريق منهم دون أن يكلفوا إلى ذلك حتى إنك لا تجد فئة من اليهود إلا وبينهم صهيونيون ، وغالوا باظهار دعوتهم وجاهروا برفع رايتهم الزرقاء البيضاء في احتفالاتهم فاحتج العرب على ذلك على غير طائل ، ولا نزال نرى اللونين الأزرق والأبيض وفي نصفهما المثلث المتقاطع ترس داود يرفرفان في أيام أعيادهم على صدورهم أو على مرتفعات معاهدهم أو على طرفهم وسلعهم.
الأحزاب الصهيونية ـ بذل اليهود جهودا كبيرة لاستعمار فلسطين وحصل تباين في آرائهم فانفصل بضع فرق عن جامعتهم وبرزت في المؤتمرات وكثيرا ما كانت المنافسة عنيفة بين هذه الفرق التي سنذكرها هنا : (١) فرقة الحكومة وهي أتباع هرتسل ومنهاجهم ما صرح به رئيس المؤتمر في جلساته العديدة من وجوب إنشاء وطن لليهود في فلسطين والأقاليم المجاورة لها يضمن ضمانا شرعيا مع تمسكهم بقرار مؤتمر بازل. (٢) فرقة الوسط المزراحية ـ وهم عصبة اليهود المتدينين الذين ألفوا فرقتهم أثناء انعقاد المؤتمر الخامس وهي فرع من حزب المتطرفين وقد تزايد أعضاء هذا الحزب وعقدوا مؤتمرا خاصا سنة ١٩٠٤