بالمطالبة بتطبيق الأحكام الشرعية بحذافيرها ، وإبعاد بعض النواب وإسقاط الوزارة وتعيين الضباط الأميين الخارجين من صفوف الجيش ، لا من دكات المدارس ، أي اختيار الجهلة على المتعلمين ، وبعبارة أفصح إبطال القانون الأساسي لأنه مخالف بزعمهم للإسلام ، ومن قواعده الحرية ، والحرية ليست من شأن الدين!. وقتل في هذه السبيل أناس من النواب وغيرهم من الدستوريين وعامة الناس في شوارع العاصمة ، لأن الجند الثائر كان يطلق النار في الفضاء إرهابا وترويعا فيصيب الأبرياء وغيرهم ، واغتال الضباط الجهلة كثيرا من الضباط الدارسين.
فلما تجلى هول الموقف للاتحاديين أهاجوا النفوس في الروم ايلي ، فقامت بعض ولايتها على ساق وقدم تطلب التطوع في الجندية للدفاع عن الدستور ، وهب جند الفيلقين الثاني والثالث في أدرنة وسلانيك وزحفا على الإستانة بقيادة محمود شوكت باشا البغدادي فاستوليا على المواقع الحربية في العاصمة في أسبوع ، وقبض على المنتقضين والعصاة من الجند المشاغب ، وضربت أعناق بعض المشايخ والمتمشيخين للسياسة لا للدين ، ونفوا ألفا وخمسمائة رجل من رجال السلطان وحاشيته إلى الحجاز واليمن ، وخلعوا عبد الحميد بفتوى من شيخ الإسلام أثبت عليه فيها قتل الأنفس البريئة وسجنها وتعذيبها ومخالفة الشرع وحرق كتب الإسلام والإسراف في مال الأمة ، وبايعوا باتفاق مجلسي النواب والأعيان لولي عهده رشاد أفندي باسم السلطان محمد الخامس وحملوا السلطان عبد الحميد المخلوع منفيا إلى سلانيك.
عبد الحميد وسياسته وأخلاقه :
وبذلك تخلصت الأمة من عبد الحميد بعد أن حكم فيها ثلث قرن زاد أخلاقها فسادا. تولى لأول أمره زمام السلطنة وكيلا عن أخيه مراد الرابع ، وكتب على نفسه عهدا دفعه لمدحت باشا ثم أرسل على ما قيل من أحرق دار مدحت ليحرق العهد في جملة ما أحرق ، وأخذ يستميل قلوب أكثر أهالي الإستانة حتى اجتمع الصدران الأعظمان رشدي باشا ومدحت باشا ودعوا ألف