فامتنع من ذلك فضربه الأوباش ، ثم انكسر سكان الحارات وانتشر الحريق في الأحياء المذكورة والنهب والقتل فقتل من الحلبيين نحو خمسمائة رجل كلهم من الرعاع ومن العسكر نحو ذلك وقبض على مثل هذا المقدار من الناس ، ثم بحثوا عن أمتعة النصارى المسلوبة فأرجع إليهم غالب ما نهب منهم.
وفي هذه السنة عصى محمد الحرفوش أمير بعلبك وجمع عسكرا من بعلبك وإقليم البلان ، فأرسلت عليه الدولة قوة بقيادة مصطفى باشا فانهزم أمامه إلى قرية معلولا وتحصن بها مع إخوته وأولاد عمه فحصرهم الجنود إلى أن دخلوا عليهم بدلالة أهل القرية ، فأسر الأمير محمد وطوّق القائد العثماني بعلبك بثلاثة آلاف جندي فاستسلم أمراؤها فقبض عليهم وأرسلهم إلى دمشق فنفوا إلى كريت ، وقضي بذلك على عامل من عوامل حكومة الإقطاعات.
وفي نكبات الشام أن الحروب الأهلية التي حدثت في دير القمر وزحلة وغيرهما من الأنحاء سنة ١٨٤٨ (١٢٦٥) انتهت بقتل ثلاثة آلاف رجل من النصارى قتلوا في لبنان والبقاع وبعضهم في المدن ونحو أربعمائة رجل من الدروز ولو لا محاربة الدروز النصارى بالخيانة ومساعدة الحكومة لهم في كل مكان على نزع السلاح لكثر عدد القتلى وزاد على هذا القدر ، وأما الخسائر المالية فلم تقدر في ذلك الحين.
وفي سنة ١٢٦٨ امتنع دروز حوران من دفع الخراج فندبت الحكومة لإخضاعهم والي دمشق محمد باشا القبرصي بفرقة من الجند فوقعت بينه وبينهم معركة دامت بضع ساعات فانهزم والي دمشق ووضع الدروز أيديهم على مهمات الجند والمدافع ، ثم توسط قنصل بريطانيا فأرجع الدروز مسلوبات العسكر ، وتعرف هذه الوقعة بوقعة صاري عسكر (سر عسكر) انتهت سنة ١٢٦٩.
حرب القريم منشؤها في الشام وكوائن درزية ونصيرية :
وفي سنة ١٢٦٨ حدثت في القدس وبيت لحم أمور تألفت منها الأسباب لنشوب الحرب العظمى بين الدولة العثمانية وروسيا وهي الحرب المعروفة بحرب القريم (١٢٧٠) وذلك لاختلافات قديمة بين الروم واللاثين بسبب كنيسة