وهكذا سائر المتصرفيات الثانوية ، لا يسلم الوالي إلا ريثما يودّع ، والطيب منهم هو الذي لا تطول أيامه خاصة ، لأن حساده كثيرون في الإستانة وفي الولاية التي يتولاها وتقارير الجواسيس عند عبد الحميد مقبولة لا ترد ، والدولة يصعب عليها أن تتفلت من قيودها القديمة قيود حكومة القرطاسيات أي المفاوضات الطويلة بالورق ، فإذا رأت رجل جد من أبنائها يحاول أن يعلمها الصواب في المعاملات ، لا تلبث أن ترميه بكل شنعاء ، وكان حظ النوابغ في كل دور من أدوار العثمانيين ولا سيما في العهد الحميدي أن يغض منهم ويسعى إلى التخلص من إصلاحهم ومراميهم ، ولسان الحال يناديهم لا نحب أن نخرج عن مألوفنا العاطل المجمع على عطله ونؤثر أن نموت فيه على سلوك سبل التجدد :
من يهن يسهل الهوان عليه |
|
ما لجرح بميت إيلام |