ان النفس الانسانية عميقة الغور ، بعيدة المنال ، فلا يستطيع امهر الجراحين او اقدر علماء النفس على معالجة بعض الامراض التي يستعصي على الطب الحديث فهمها والتعامل معها ، كالكآبة النفسية وما يترتب عليها من اقدام الفرد على الانتحار مثلاً. والعلاج الطبيعي مهم في شفاء الجروح العضلية والغضروفية. وطالما كان الاسلام ولا يزال يهاجم النظام الطبقي ويدعو الى توزيع عادل للثروة الاجتماعية ، فان النظام الصحي الاسلامي سيجعل الانشطة الطبية جميعاً انشطة يهمها العلاج الحقيقي للافراد ، لا تجارة تجني ارباحاً على حساب الفقراء والمستضعفين ، ويجعلها ايضاً تزدهر في بحوثها وتجاربها وانتاجها ؛ فلا يحدها الجشع المادي ولا يلزمها سيطرة طبقة دون أخرى ، بل ان العقل الطبي المسلم ارحم وانزه من العقل الطبي الرأسمالي ؛ لان الطبيب المؤمن بقدر ما تهمه الخدمات الانسانية لتخفيف الآلام ، يهمه بناء النظام الاجتماعي النظيف عن المطامع الفردية المحضة.
ولا تتوقف وظيفة الطب على تحديد ( من هو المريض ؟ ) بل تتعداه الى قاعدة المحافظة على صحة الافراد عموماً ، حتى يستطيع النظام الاجتماعي تنشيط منهجه الاقتصادي في الانتاج وعدالة التوزيع. وبطبيعة الحال فان المؤسسة الصحية الاسلامية مسؤولة عن صحة الافراد في المجتمع الاسلامي على مستويين ، المستوى الاول : تثقيف افراد المجتمع تثقيفاً عاماً فيما يتعلق بفهم منشأ الامراض وسببها ، والتركيز على نظامي الوقاية والغذاء في تنمية الجسم البشري ، حيث يتم ذلك من خلال النشر والاعلام والتبليغ الفردي والجماعي. والمستوى الثاني : معالجة الافراد معالجة فردية في الظروف الطبيعية ، ومعالجة جماعية في الظروف الاستثنائية ؛ ومن ذلك