يقول ( تالكوت بارسن ) ، احد رواد النظرية التوفيقية في الطب بان « المرض ليس ظاهرة بيولوجية فحسب ، بل انه ظاهرة اجتماعية ايضا » (١) ، لان المجتمع الانساني يتطور تطوراً طبيعياً ما لم يقم الافراد جميعاً باداء ادوارهم الاجتماعية في كل الاوقات. فاذا تعرض فرد ما لمرض من الامراض اصبح دوره الاجتماعي شاغراً لانه لا يستطيع القيام بتأدية ذلك الدور المناط به اجتماعيا. وكنتيجة لهذا الخلل ، اصبح ذلك الدور معرضاً الى احتمالين ، الاول : ان يحال الى فرد آخر سليم من الناحية الصحية ، والثاني : ان يبقى ذلك الدور معطلاً دون شاغل يشغله. وهذا التبدل في الادوار الاجتماعية يسلط ضغطاً ويولد ارباكا ضد الحركة الطبيعية للنظام الاجتماعي.
ولا شك ان للنظام الاجتماعي ـ مهما كان لونه وشكله ـ مصلحة حقيقية في انشاء نظام صحي متكامل لعلاج الامراض وللحفاظ على نظافة المجتمع من الاوبئة والامراض المعدية حتى يتم استثمار طاقات العمال الاصحاء بطريقة يكون مردودها الانتاجي متناسباً مع حجم ذلك النظام وقابلياته. وعلى هذا الاساس فان من مصلحة النظام الاجتماعي مثلاً ، تحديد ( من هو المريض ؟ ) ، ومن مصلحة النظام الاجتماعي ايضاً معرفة من
__________________
(١) ( تالكوت بارسن ) : بحوث في النظرية الاجتماعية. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٥٤ م.