وترى نظرية الصراع ان المعافاة الصحية تعتبر مصدراً من المصادر التي يحسب لها حساب عند الرأسماليين (١). فكما حازت الطبقة الرأسمالية على قصب السبق في الثروة ، والقوة السياسية ، والمنزلة الاجتماعية ، فقد اعتبرت المعافاة الشخصية مصدراً من مصادر القوة التي ينبغي ان يسيطر عليها الاغنياء في المجتمع الرأسمالي. ولما كان المجتمع الرأسمالي مبنيّاً على المنافسة الاقتصادية ، فان المنافسة للسيطرة على النظام الصحي تحمل معها كل معاني المنافسة الاقتصادية ؛ لان النظام الصحي يدرّ على الطبقة الرأسمالية مقداراً هائلاً من الثروة ، ناهيك عن اندماج قادة النظام الصحي في العملية الرأسمالية ، وخصوصاً الاستثمار وما يصحبها من قدرة على تحويل القوة الاقتصادية الى قوة سياسية. واذا كان توزيع الثروة في المجتمع الرأسمالي محصوراً في الطبقة الرأسمالية القوية ، فان النظام الصحي ـ بكل ما يجلبه من خيرات ـ سيكون حتما في قبضة اليد الرأسمالية.
بطبيعة الحال ، فان من حقّ الفرد في المجتمع الرأسمالي التمتع بصحة جيدة ؛ ولكن لتحقيق ذلك يجب الالتفات الى مسألتين ، الاولى : حالته المعيشية والسكنية. والثانية : المستشفى الذى يعالج فيه وقت المرض. فاذا كان ذلك الفرد عضواً في الطبقة الرأسمالية ، فان السكن الذي يسكنه ونوعية
__________________
(١) ( هاورد ويتكن ) : المرض الثاني : تناقضات العناية الصحية الرأسمالية. شيكاغو : مطبعة جامعة شيكاغو ، ١٩٨٦ م.