ولما كان الطب يتعامل مع الانسان تعاملاً مباشراً ، فان الخطأ الذي يقع سيسبب للمريض اضراراً بالغة. ولذلك ، فان الطبيب لابد وان يتحمل جزءاً من المسؤولية في ضمان ما يتلفه بالعلاج. فقد ذكر الفقهاء ان الطبيب يضمن لو مات المريض بسبب العلاج. وينطبق نظام الديات في تلف النفس والاطراف على ذلك. ولما كان الضامن في الخطأ المحض عاقلة الطبيب ، فان الضامن في الشبيه في العمد ، الفاعل وهو الطبيب نفسه ، « لحصول التلف المستند الى فعله ، ولا يُطل دم امرئ مسلم ، ولأنه قاصد الى الفعل مخطئ في القصد. فكان فعله شبيه عمد ، وان احتاط واجتهد واذن المريض ، لان ذلك لا دخل له في عدم الضمان هنا ، لتحقق الضمان مع الخطأ المحض. فهنا اولى وان اختلف الضامن » (١).
وذهب ابن ادريس في كتاب السرائر الى عدم ضمان الطبيب اذا كان عالماً مجتهدا في تشخيص المرض ، واستدل على ذلك بثلاثة اُمور ، اولها : اصالة البراءة من الضمان. وثانيها : اذن المريض للطبيب في العلاج وهو مسقط للضمان فيما لو حصل التلف في الأثناء. وثالثها : ان العلاج فعل سائغ شرعاً ، فلا يستعقب ضماناً.
ورده الشهيد الثاني بقوله : « ان اصالة البراءة تنقطع بدليل الشغل. والأذن في العلاج لا في الأتلاف. ولا منافاة بين الجواز والضمان ، كالضارب
__________________
(١) شرح اللمعة الدمشقية : ج ١٠ ص ١٠٨.