للطبقة الاجتماعية العليا من اوسع الابواب ، وقادرون على التحكم بقدر معين من القوة السياسية للنظام الاجتماعي. ولما كان النظام الطبقي يعكس لب الفكرة الرأسمالية ، فان انتظام الاطباء ضمن صفوف الطبقة العليا لم ينتهك حرمة النظام الرأسمالي بالمرة ، لان النظام الصحي الرأسمالي قائم على اساس المنافسة الاقتصادية. وهذه المنزلة العليا لا يجدها اطباء النظام الشيوعي المندثر في روسيا والجمهوريات الاشتراكية المحيطة بها ؛ لان الطبيب في النظام الاشتراكي اجير للدولة ، حيث تحدد الدولة اجرته ـ تماما ـ كما تحدد اجور بقية الموظفين والعمال. وترجع القوة السياسية للاطباء في النظام الرأسمالي الامريكي الى دور الجمعية الطبية الامريكية في تنظيم الاطباء ضمن اتحاد فيدرالي قوي يمتلك ثروة تؤثر على قرارات السياسيين بمختلف الوانهم وتوجهاتهم. ولكي تستجمع هذه المنظمة قوتها ، قامت في البداية باستحصال تشريع دستوري يعتبر الطبيب من اهل الخبرة ، وبذلك سدت الباب بوجه المشعوذين ، واولئك الذين يدعون قدرتهم على العلاج الروحي والغيبي ، وحصرت تعليم الطب بكليات وجامعات ذات مستوى تعليمي معين. ثم منعت بعد ذلك اي طبيب ، من امتهان الطب مالم يحصل على اجازة رسمية موثقة تسمح له امتهان العلاج. وعن هذا الطريق رفع الاطباء اجور علاجهم تدريجيا ، واصبح لهم استقلال ذاتي مهني ضمن المؤسسة الرأسمالية.
وبطبيعة الحال ، فان وجود هذه الجمعية الطبية يناقض اصل الفكرة الرأسمالية القائلة بوجوب تعدد المؤسسات في حقل واحد من الاعمال ؛ بمعنى انه من اجل تحقيق عملية التنافس الاقتصادي لابد ان يكون هناك