قدراً معيناً من المال ؛ فاذا نفد ذلك القدر من المال ، حرم بقية الفقراء من العلاج ، واغلقت المستشفيات ابوابها بوجوههم. ولما كانت الحكومة المحلية تدفع مبلغاً اقل للسعر الذي يحدده الطبيب ، فان العديد من الاطباء لا يقبلون علاج مرضى الفقراء المعتمدين على المساعدة الحكومية ، وليس هناك قانون يلزم هؤلاء الاطباء بعلاج الفقراء بالخصوص. ولما كانت الرقابة الحكومية على الاطباء ضعيفة ـ لان هذه الرقابة ذاتها تكلف اموالاً اضافية غير متوفرة ـ يختلق البعض من الاطباء اسماءً وهمية يعالجها ويبعث بقوائم علاجها الى الحكومة ليقبض على اساسها اموالاً اضافية اخرى. وهذا الفساد والغش له ما يبرره في النظام الرأسمالي ، لان هذا النظام لا يربي في الطبيب انسانيته ولا ينشئ في ضميره الوازع الاخلاقي ، بل يترك لغرائزه الجشعة العبث بمقدرات الآخرين.
وعلى صعيد تكاليف المؤسسة الطبية ، فان ثلاثة ارباع تكاليف النظام الصحي الاجمالي تذهب الى دخل المستشفيات وموظفيها من اداريين وفنيين واطباء وصيادلة وممرضين. ولا شك ان الثروة المتراكمة لدى المستشفيات ـ باعتبارها مؤسسات تجارية ـ تشجعها على الحصول على اغلى وارقى الاجهزة الطبية في جراحة القلب ونقل الاعضاء ، والاجهزة التشخيصية التي تعمل بالاشعة السينية والصوتية ونحوها. وكل هذه الاجهزة تكلف النظام الصحي اموالاً طائلة ، ولكن انحصارها بالمستشفيات الخاصة بالطبقات الرأسمالية والمتوسطة ، وحرمان الطبقة الفقيرة منها دليل واضح يثبت بان استخدام التقنية الحديثة ينفع افراد الطبقات الغنية دون الفقيرة.