فحرام اكله الاّ في حال الضرورة ) (١). وبطبيعة الحال ، فان قوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) هو الفصل في تحريم تناول كل ما يسبب ضرراً معتداً به على جسم الانسان. فالاصل اذن ، ان كل ما يعد فعله ضرراً وتهلكة في نظر العرف فهو حرام ، حتى لو كان الضرر محتملا ًعند العقلاء.
ولا يشك احد ان التدخين عادة غربية جاءت من اوروبا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي كجزء مهم من العادات الغربية التي حاولت الرأسمالية نشرها في العالم. فمع بداية التصنيع الحديث الذي انتشر في اوروبا في القرن التاسع عشر ، اصبحت صناعة السجائر من الصناعات الرئيسية التي تدر ارباحاً هائلة على المؤسسات الرأسمالية. ففي بداية القرن العشرين كان التدخين منحصراً بالطبقة المتوسطة من رجال النظام الاجتماعي ، ثم انتشر في العشرينات من نفس القرن بين المثقفين ورجال الاعمال ، واصبح التدخين في الاربعينيات جزاءًا مهماً من الشخصية الحضارية الغربية ؛ بمعنى ان شركات التدخين نجحت في خلق انطباع عام لدى الافراد يعكس فكرة تقول بان الذي يشعل سيجارة بيديه ويدخنها يعتبر فرداً متحضراً ، مثقفاً ، ومن طبقة معتبرة في النظام الاجتماعي.
ومن اجل استدرار اكبر كمية من المال ، بدأت الشركات الصناعية التي تنتج وتصنّع التبوغ باضفاء صورة لامعة وبراقة على التدخين ، فاصبحت الصحافة ووسائل الاعلام المطية التي تنفذ اهداف هذه الشركات
__________________
(١) تحف العقول : ص ٣٣٧.
(٢) البقرة : ١٩٥.