قال : ومن يطيق ذلك يا أبا حازم؟ قال : من طلب الجنة وهرب من النار.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل الفارسي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد بن علي بن يعقوب الإيادي المالكي ، نا أبو بكر الشافعي ، نا محمّد بن جعفر ، نا صالح ـ يعني ابن أحمد بن حنبل ـ حدّثني أبي ، نا يحيى بن عبد الملك بن حميد ، عن أبي عيينة ، نا زمعة بن صالح قال : قال الزّهري لسليمان ـ أو هشام ـ :
ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال : يا أبا حازم ، ما قلت في العلماء؟ [قال :](١) وما عسيت أن أقول في العلماء إلّا خيرا ، إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا ، ولم يستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم ، فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم فلم يستغنوا به ، واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم ، فلما رأوا ذلك قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئا ، إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة (٢). قال الزهري : إنه جاري منذ حين ، وما علمت أن هذا عنده. قال : صدق ، أما إني لو كنت غنيا عرفني قال : فقال له سليمان : ما المخرج مما نحن فيه؟ قال : تمضي (٣) ما في يديك بما أمرت به ، وتكفّ عما نهيت عنه. قال : سبحان الله ومن يطيق هذا؟ قال : من طلب الجنة ، وفرّ من النار ، وما هذا فيما تطلب وتفر منه بقليل.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، نا عبد الله بن محمّد (٥) ، نا عبد الله بن محمّد بن العباس ، نا سلمة بن شبيب ، نا سهل بن عاصم ، نا فرج بن سعيد الصوفي ، نا يوسف بن أسباط ، أخبرني مخبر :
أن بعض الأمراء أرسل إلى أبي حازم فأتاه وعنده الإفريقي (٦) والزهري وغيرهما ، فقال له : تكلم يا أبا حازم فقال أبو حازم : إنّ خير الأمراء من أحبّ العلماء ، وإن شرّ
__________________
(١) زيادة لازمة للإيضاح عن حلية الأولياء ٣ / ٢٣٣.
(٢) بالأصل «راوة» خطأ والصواب ما أثبت عن م.
(٣) رسمها بالأصل «تفي» والمثبت عن م ، وانظر مختصر ابن منظور ١٠ / ٦٧ والحلية ٣ / ٢٣٤.
(٤) الخبر في حلية الأولياء ٣ / ٢٤٣.
(٥) كذا ، وقوله «نا عبد الله بن محمد» سقطت من حلية الأولياء.
(٦) يريد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الافريقي ترجمته في سير الأعلام ٦ / ٤١١.