بالحق ، فإنا إن نشهد بالزور نهلك العالم ، فلم يكن مثل كرسي سليمان في الأولين ولا يكون مثله في الآخرين.
فلما قبض الله سليمان وجاء بخت نصر فأخذ ذلك الكرسي ، فحمله معه إلى أنطاكية فأراد أن يضعه فيه ليقعد عليه ، ولم يكن له علم كيف يصعد فيه ، فلما وضع قدمه على الدرجة الأولى ، ولم يصب موضعها رفع الأسد يده اليمنى فكسر ساق بخت نصر الأيسر فعرج ، فلم يزل بخت نصر يعرج منها حتى مات ، ثم بعث الله ملكا من ملوك فارس يقال له : كارس بن سورس ويقال العرريا بن يساريا ، فحمل (١) الكرسي من بابل حتى ردّه إلى بيت المقدس ، فوضعوه تحت الصخرة فلم يقعد أحد على كرسي سليمان من بعده ، ولم يقدر عليه منذ وضع تحت الصخرة.
فذلك ما نذكر من حديث كرسي سليمان بن داود وما فيه من العجائب.
قال : ونا إسحاق بن بشر ، قال : وكان سليمان إذا ركب يسمع حفيف قبته من اثني عشر ميلا فلا يبقى غلام ، ولا جارية ، ولا رجل ، ولا امرأة إلّا وهم متشوفون ينظرون إلى مركب سليمان ، ويتعجبون. فبينا سليمان في مسيره بهذه الحال ، وقد أشرفوا عليه من كل جانب ، إذ مرّ على رجل من بني إسرائيل يعمل بالمسحاة في حرث له يقال له : مرعبدا ، فقال مرعبدا ولم يرفع طرفه إليه : لقد أوتي إلى داود ملكا عظيما ، ثم أقبل على مسحاته فلم يلتفت إليه ، ولم ينظر إليه ، والناس متشوفون من كل جانب ، فلما رأى سليمان ذلك رفع رأسه فنظر إلى الطير فوقفن فإذا وقفن الطير تركت الشياطين الأركان ، وتجيء الريح فتحمل البيت بقدرة الله. فلما نظر سليمان إلى العابد وهو مرعبدا قطع به فقال : والله ما هذا إلّا رجل في قلبه إيمان ومعرفة ليس في قلب أحد.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ح وأخبرنا أبو منصور الحسن بن طلحة الصالحاني ، وأم البهاء فاطمة بنت محمّد قالا : أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا أحمد بن عمران الأخنسي ، نا محمّد بن فضيل ، نا الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس في
__________________
(١) بالأصل : «فجعل» والصواب عن م.