التي سمع بها الناس ، وذلك قوله : و (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)(١).
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم [بن](٢) حمزة ، وأبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، قالا : نا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن قال :
كان سليمان رجلا غزّاء ، يغزو البر والبحر ، ولا يسمع بملك في ناحية من الأرض إلّا أتاه حتى يذلّه ، وكان إذا أراد الغزو أمر بعسكره فضرب ، وكان اتخذ ألواحا من خشب وضم بعضها إلى بعض ، وعمل لها عمدا من تحتها وشددها بالمسامير الحديد على قدر عسكره ، فربما كان عسكره فرسخا (٣) في فرسخ أو أقل أو أكثر ، ثم تجيء الشياطين فتدخل تحت الخشب ، فتحمل تلك العمد ثم يأمر الريح فتحمله وعسكره فتقذف به الريح وعسكره مسيرة شهر ، وكانت الريح تغدو به شهرا وتروح به شهرا وبعسكره فذلك قول الله تعالى : (رُخاءً حَيْثُ أَصابَ)(٤) مطيعة حيث أراد وكان الرخاء ريحا يحمل عسكره إلى حيث أراد سليمان ، وإنه ليمر بالزراعة فما يحركها الريح.
قال : وأنا إسحاق ، أنا أبو إلياس ، عن وهب قال : كانت الشياطين عملوا لسليمان مدينة من قوارير ، إذا خرج في المغازي كان يحمل تلك المدينة معه وحشمه وأهل بيته ، وكانت ألف ذراع في عشرة آلاف ذراع فيها ألف سقف ، كل سقف ألف ذراع ، في ألف ذراع ، بين كل سقفين عشرة أذرع على كل سقف ما يحتاج إليه من المساكن والقباب والمرافق ، فجعل الأعلى قبة فيها مجلسه ، على قبتها علم أحمر يضيء منه بالليل العسكر ، وترى بالليل من الأرض البعيدة كما ترى النار ، ولتلك المدينة ألف ركن على مناكب الشياطين ، تحت كل ركن عشرة من الشياطين.
قال : وأنا إسحاق ، أنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه ، عن كعب قال :
إن سليمان كان إذا ركب حمل أهله وسار بجيشه وخدمه وكتائبه وتلك السقوف
__________________
(١) سورة النمل ، الآية : ١٦.
(٢) زيادة للإيضاح عن م.
(٣) بالأصل وم : فرسخ.
(٤) سورة ص ، الآية : ٣٦.