حكم على إنسان بالمدينة إذ كان قاضيا ، فلما عزل عن القضاء جاء ذلك الإنسان فوضع يده على ثفر دابته وجعل يحرك الثفر ، فقال له سعد : ما تريد؟ قال : ألجمها ، فسكت عنه ، ثم استقضي سعد بعد ذلك ، فدعا بذلك الإنسان فجلده عشرين سوطا ثم عزل بعد ذلك سعد واستقضي ابن حزم ، فجاء ذلك الإنسان إلى منزل سعد فدق عليه الباب قبل أن يعلم سعد بأن ابن حزم استقضي فقال له سعد : من هذا؟ قال : ساعي بن حزم ، ثم استقضي سعد بعد ذلك فدعا به فجلده عشرين سوطا ، ثم عزل فلقي سعد ذلك الإنسان فلم يكلمه (١) ، فقال له سعد : مالك لا تصنع بعض ما كنت تصنع؟ قال : أيهات درست التوراة بعدك ، فوجدت بين كل سطرين منها سعد بن إبراهيم قاضيا (٢).
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت ، أنا أحمد بن محمود الثقفي ، أنا محمّد بن إبراهيم بن علي ، نا محمّد بن جعفر الزرّاد ، ثنا عبيد الله بن سعد الزهري ثنا عمي عن أبيه قال (٣) : دخل ناس من القراء على سعد يعودونه منهم ابن هرمز ، وصالح مولى التوأمة قال : فاغرورقت عينا ابن هرمز فقال له سعد : ما يبكيك؟ قال : والله لكأني بقائلة غدا تقول : وا سعداه للحق ، ولا سعد. قال : أما والله لئن قلت ذلك ما أخذني في الله لومة لائم منذ أربعين سنة ؛ ثم قال سعد : أليس الله يعلم أنكم (٤) أحب خلقه إليّ ـ يعني القراء ـ.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو الحسن بن عبد السلام قال : أنا أبو محمّد الصّريفيني أنا أبو القاسم بن حبابة أنا أبو القاسم البغوي حدّثنا أحمد بن ..... (٥) حدّثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثنا معن ، ثنا سعيد بن مسلم بن بانك (٦) ، قال : رأيت إبراهيم بن سعد يقضي في المسجد (٧).
__________________
(١) بالأصل «يحلمه» والمثبت عن أخبار القضاة لوكيع.
(٢) كذا : قاضيا ، وفي أخبار وكيع : «قاض».
يريد الرجل أن سعدا مهما كانت فترة احتجابه فهو ـ ولا شك ـ سيستقضي بعد ذلك ، كما ولت عليه التوراة التي رآها بعد كل سطرين منها قضاء سعد.
(٣) الخبر في سير الأعلام للذهبي ٥ / ٤٢٠ وحلية الأولياء ٣ / ١٧٠.
(٤) في السير : أليس تعلم أنك أحبّ خلقه إليّ ـ يعني القرآن ـ.
(٥) بياض بالأصل وم مقدار كلمة.
(٦) مهملة بالأصل ورسمها : «بانك» والمثبت عن سير الأعلام.
(٧) الخبر في سير الأعلام ٥ / ٤١٩.