الثلاثة وجهان : أصحهما الجواز كما قاله القاضى حسين ومسجد بيت المقدس أولى بالجواز ، والمسجدان مسجد مكة ومسجد المدينة أولى من مسجد بيت المقدس بالجواز ، ثم المسجدان على الخلاف بين مالك وغيره فمالك يقول : المدينة أفضل فيكون أولى بالجواز من مسجد مكة ، وغيره يقول : مكة أفضل ، فقد يقول : إن مسجدها أولى بالجواز ، وقد يقول : إن مسجد المدينة انضاف إليه مجاورة النبى صلىاللهعليهوسلم وقصد تعظيمه بما فى مسجده من الحلية والقناديل وهذه كلها مباحث والمنقول ما قدمناه فى مذهبنا وبه يتبين أن الفرق الذى ذكره الرافعى رحمهالله يستغنى عنه وأنه ليس بصحيح ، وأن قوله : إن ستر الكعبة وتطييبها من القربات صحيح الآن بعد الشرع وأما قبل ذلك فقد قلنا إنه لم يكن واجبا وإن السترة صارت واجبة بعد أن لم تكن ، وأما كونها قربة من الأصل أو صارت قربة ففيه نظر ، وأما الطيب فالظاهر أنه ليس بواجب بل قربة ، والظاهر أنه قربة من الأصل فيها وفى كل المساجد وإن كان فيها أعظم ، هذا ما يتعلق بمذهبنا فى اتخاذها من غير وقف ، فإن وقف المتخذ من ذلك من القناديل أو الصفائح ونحوهما فقد قطع القاضى حسين والرافعى بأنه لا زكاة فيه ، فأما قطع القاضى حسين فلا يرد عليه شيء ؛ لأنه يقول بإباحتها ومقتضاه صحة وقفها وإذا صح وقفها فلا زكاة ، وأما الرافعى رحمهالله فقد رجح تحريمها ، ومقتضاه أنه لا يصح وقفها لهذا الفرض وإذا لم يصح وقفها تكون باقية على ملك مالكها وتكون زكاتها مبنية على الوجهين فيما إذا لم تكن موقوفة ، فلعل مراد الرافعى رحمهالله إذا وقفت على قصد صحيح أو وقفت وفرعنا على صحة وقفها ، ثم قال السبكى : هذا ما يتعلق بمكة شرفها الله تعالى : فننتقل إلى المدينة الشريفة دار الهجرة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فنقول : فيها المسجد والحجرة المعظمة ، أما المسجد فقد ذكرنا حكم المساجد فى التحلية وتعليق القناديل الذهب والفضة فيها وقلنا : إن مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم أولى بذلك من سائر المساجد التى لا تشد الرحال إليها ومن مسجد بيت المقدس وإن كانت الرحال تشد إليه ومن مسجد مكة عند مالك رضى الله عنه بلا إشكال ، وقلنا إنه يحتمل أن يقال بأولويته على مذهب من يقول بتفضيل مكة أيضا لما يختص به هذا المسجد الشريف من مجاورة النبى صلىاللهعليهوسلم ، ولذلك كان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه يمنع من رفع الصوت فيه ولم يكن يفعل