عرف يقتضى ذلك فيه فوجب قصره على مقتضى اللفظ واختصاص الكعبة بخصوصها كما شهد به الحديث السابق ، وإذا وجدنا بالكعبة مالا واحتمل أن يكون من هذه الجهة حملناه عليها عملا باليد ، كما تبقى أيدى أرباب الأملاك على ما بأيديهم كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد تبع الزركشى السبكى فى الخادم فقال بعد ذكره عن الأصحاب نحو ما تقدم : فظهر بهذا اختصاص الكعبة بما يهدى إليها وما ينذر لها وما يوجد فيها من الأموال وامتناع الصرف منها إلى الفقراء والمصالح إلا أن يعرض لها نفسها عمارة فتصرف فيها إن حدثت لها وإلا فلا يغير شيء عن وجهه انتهى. ثم قال : والرتاج بكسر الراء المهملة ثم مثناة فوقية ثم جيم قال القاضى حسين : هى فى اللغة الباب العظيم ، قال : والمراد هنا جميع الكعبة : ثم قال : وقيل : الرتاج السترة انتهي.
وصرح الماوردى بأن من نذر للكعبة شيئا لا يستعمل فيها بيع وصرف الثمن فى مصالحها ، وهنا مسألة تعم البلوى بها وهى ما لو نذر أن يوقد شمعا على باب الكعبة ، فأرسل به مع غيره ليوقده ، فجاء المرسل به وأوقده على الباب قليلا ، ثم جاء الحجبة وأخذوه منه ومنعوه من استمرار وقوده وقالوا : هذه عادتنا مع كل أحد ، وربما سرقه نوابهم على غفلة بعد إيقاده قليلا ، فهل تبرأ ذمة الناذر والمرسل معه ، أو تبرأ ذمة الناذر دون المرسل معه؟ والجواب على مذهب الشافعى رضى الله عنه أن الناذر خلص عن عهدة المنذور ، وكون الحجبة يأخذونه أمر آخر لا يتعلق ببقاء المنذور فى ذمة الناذر ولا المرسل معه ، وإن كان على الحجبة إبقاؤه موقودا إلى إنفاذه ، ولا خفاء أن الناذر نفسه لو حضر بالشمع فكان ما تقدم كان الحكم كذلك ، ومحل صحة هذا النذر من أصله أن ينتفع بهذا الوقود ولو على تنوير مصلى هناك أو غيره وإلا فإن كان القصد بالنذر وهو الغالب تعظيم البقعة فقط ففيه وقفة وقضية ، كلام النووى عدم الصحة ، وصرح به الأذرعى وتبعه الزركشى ، وذكر بعض المتأخرين من الحنفية أن مقتضى مذهبهم أن المرسل بالشمع لا يخلص من العهدة بمجرد إيصال الشمع إلى المحل ولا بوقوده قليلا ما لم يوقد ثلثاه فأكثر ، وأما الحجبة فلفهم أخذه بغير إذن المرسل إذا جرى العرف بذلك بعد أن أوقد معظمه نص عليه