فيه أظهر دليل على أنهم عملوا بنص أو قياس أن ذلك مستحق للكعبة فلا يصرف فى غيرها ويكون تركه صلىاللهعليهوسلم لإنفاقه بعد زوال ذلك المعنى كالنسخ لما دل عليه خبر عائشة رضى الله عنها ، ومما يدل على أن حكم ما أهدى للكعبة بعد الإسلام حكم كنزها فى تعين صرفه لها دون غيرها ما صح عن شقيق قال : بعث معى رجل بدراهم هدية إلى البيت فدخلته وشيبة ابن عثمان جالس على كرسى ، فناولته إياها فقال : ألك هذه؟ فقلت : لا ، ولو كانت لى لم آتك بها ، قال : أمالئن قلت ذلك لقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك الذى أنت فيه فقال : لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين ، فقلت : ما أنت بفاعل ، قال : ولم قلت؟ قال : قال لأن النبى صلىاللهعليهوسلم قد رؤى مكانك وأبو بكر وهما أحوج منك إلى المال فلم يحركاه ، فقام كما هو وخرج. وقال الشافعية : يصح الإهداء والنذر إلى الكعبة نفسها ، وكذا لرتاجها وطيبها وقودها فينقله إليها ثم يصرفه إلى القيم بأمرها ليصرفه فى الجهة المنذورة إلا أن يكون قد نص فى نذره أن يتولى صرف ذلك : بنفسه ، قال الإمام المجتهد التقى السبكى فى كتابه تنزيل السكينة بعد ذكره ذلك فظهر بهذا القطع ثبوت اختصاص الكعبة بما يهدى إليها وما ينذر لها وما يوجد لها من الأموال وامتناع صرفها فى غيرها ، لا للفقراء ، ولا للحرم الخارج عنها المحيط بها ، ولا لشيء من المصالح ، إلا أن يعرض لها نفسها عمارة ونحوها ، وحينئذ ينظر ، فإن كانت تلك الأموال قد أرصدت لذلك فتصرف فيه ، وإلا فيختص بها الوجه الذى أرصدت له ، فلا يغير عن وجهه فالمرصد للبخور لا يصرف فى غيره ، والمرصد للعمارة لا يصرف فى غيرها ، والمرصد للكسوة لا يصرف فى غيرها ، والمرصد للكعبة مطلقا يصرف فى جميع هذه الوجوه ، وكذا ما وجد فيها ولم يعلم قصد من أتى به لكنه معد للصرف. انتهى المقصود منه. ثم قال : وإياك أن تغلط فتعتقد أن ذلك يصرف إلى فقراء الحرم ، فإن ذلك فيما إذا كان الإهداء إلى الحرم أو إلى مكة ، أما إذا كان إلى الكعبة نفسها فلا يصرف إلا لها ، نعم لو كان المهدى للكعبة غنما وبقرا وإبلا فالقرينة تقتضى ذبحه وتفريقه بخلاف الذهب والفضة فلا