الدمامينى فى كتابه تعليق المصابيح على أبواب الجامع الصحيح : المراد بالصفراء والبيضاء الذهب والفضة ، وقال الزركشى : وظن بعضهم أنه حلى الكعبة وغلطة صاحب المفهم بأن ذلك محبس عليها كحصرها وقناديلها فلا يجوز صرفه فى غيرها وإنما هو الكنز ، قال القرطبى من علماء المالكية رحمهالله تعالى : كنز الكعبة المال المجتمع مما يهدى إليها بعد نفقة ما تحتاج الكعبة إليه ، وليس من كنز الكعبة ما تحلا به من الذهب والفضة ؛ لأن حليها حبس عليها كحصرها وقناديلها لا يجوز صرفه فى غيرها انتهى. وأخذ منه عدم جواز تفرقة كسوتها ؛ لأنها ليست من الكنز الذى هم النبى صلىاللهعليهوسلم بتفريقه بقوله : «ولأنفقت كنز الكعبة» على كلام يأتى ، وعلم منه تعريف الكنز وليس المراد به ما وضع فى جبها فقط ، ثم ما قاله صاحب المفهم من جملة الصفرا والبيضاء فى كلام عمر رضى الله عنه على غير حلى الكعبة ، وأن من الغلط جعله شاملا لحليها المقتضى أنه من كنزها الذى هم النبى صلىاللهعليهوسلم بتفرقته ، وكذا عمر رضى الله عنه لو لا ما ذكره له شيبة قد خالف فيه الإمام السبكى حيث قال : تنبيه محل الذى قلته من الصرف إلى وجوه الكعبة إذا كان المال علم من حاله ذلك أو كانت عليه قرينة بذلك مثل كونه دراهم أو دنانير ، أما القناديل التى فيها والصفائح التى عليها فتبقى على حالها ولا يصرف منها شئ ، وقول عمر رضى الله عنه صفراء أو بيضاء يحتمل النوعين ولم ينقل لنا صفتها التى كانت ذلك الوقت ، ثم قال الدمامينى : وكان سيدنا عمر رضى الله عنه قصد بكلامه هذا ما يهدى إليها خارجا عما كانت تحتاج إليه مما ينفق فيها ، ولما افتتح النبى صلىاللهعليهوسلم مكة تركه رعاية لقلوب قريش ، ثم بقى على ذلك فى زمن الصديق وعمر رضى الله عنهما ، وقال : لا أدرى ما صنع به بعد ذلك. وينبغى أن يبحث عنه ، فإن قلت : ما وجه تذكير لضمير من قوله : «إلا قسمته» مع أن مرجعه مؤنث قلت : ذكر باعتبار المال ثم قال الدمامينى (١) : واستدلال من استدل بترك النبى صلىاللهعليهوسلم أموال الكعبة وتوقيرها على القسمة على إيجاب بقاء الأحباس على ما سبلت عليه فيه نظر ؛ لأنه أن كان المال المحبس على الكعبة عنى به الصرف فى إقامة الكعبة بتقدير انهدامها ـ والعياذ بالله تعالى ـ فهذا مما لا يخطر بالبال ؛ لأنا نعلم أن الذين يهدون المال للكعبة لم يقصدوا ذلك ، وإن كان هذا المال المحبس
__________________
(١) فى كتابه المصابيح.