وذكر أن فى هذه السنة ختم الشاذروان عند الحجر الأسود ومنها فى آخر عشر الستين والستمائة أو فى أوائل عشر السبعين وستمائة ؛ لأن القاضى بدر الدين بن جماعة رآه فى سنة ست وخمسين وستمائة وهو مصطبة يطوف عليها بعض العوام ، ورآه فى سنة إحدى وستين وقد بنى عليه ما يمنع من الطواف على هيئته اليوم ، وذكر الأزرقى طول الشاذروان فى السماء ستة عشر إصبعا وعرضه ذراع انتهى. ومقدار عرضه ينقص فى بعض الجهات عما ذكره الأزرقى ، وأفتى المحب الطبرى عالم الحجاز فى وقته بوجوب إعادة مقداره على ما ذكره الأزرقى وله فى ذلك نحو نصف كراس سماه استقصاء البيان فى مسألة الشاذروان أنه أفتى بوجوب هدم الشاذروان وإعادته إلى ذراع احتياطا لما نقله الأزرقى ، وقد استشعر على نفسه اعتراضات منها أنه قال : لا يقال إن ذلك زيادة فى بيت الله جل وعلا وتغيير له عن موضوعه ولا يجوز ذلك ؛ لأن نقول أخبار هذا الإمام العدل يمنع من أن يكون التتميم زيادة وتغييرا ؛ لأنه إنما يكون زيادة إذا تحقق أن الموجود الآن هو الأصل ، ونحن لا نتحققه ، بل لا نظنه ، بل لا نشك فى أنه ليس على الأصل ، ثم قال : وكلام الأزرقى يجب قبوله وطرح ما توسوس به الشياطين من الخيالات الفاسدة والاحتمالات البعيدة ، وقد أحدث فى الشاذروان زيادة ولم يقل أحد ممن وجد بعد الأزرقى إلى زمننا هذا إن هذا الإحداث زيادة فى بيت الله تعالى وتغيير له عن موضوعه ولا أنكره أحد ، فليكن كذلك ما يتم به الذراع المفعول فى عرضه ، ولا يكون ذلك زيادة بل خيرا وتتميما ، ثم قال : فإن قيل هذا الموجود اليوم الناقص عن الذراع ترادفت عليه الأعصار وتواردت عليه علماء الأمصار وجاور بالحرم الشريف من العلماء وطالت مدة مجاورتهم ولم ينكره أحد منهم والظاهر أن ذلك لم يخف على جميعهم.
قلنا عدم إنكارهم لا يدل على رضاهم به وتقريرهم له ، وإنما يحكم بالرضى والتقرير بعد العلم بأنهم علموا بأنه كان ذراعا ثم أقروه ناقصا ولا يحتاج إلى إثبات ، وكثير من جملة العلماء لا يعلم أن الأزرقى ذكر أن عرضه ينقص عن ذراع وإن علموا حكمه ، وكثير يعلم ما ذكره الأزرقى ولا يعتبره ويطوف ، أو يعتقد أنه كما ذكره الأزرقى ولا يعلمون نقصه ، وقد رأيت من أجله أهل العلم